استراتيجيات التسويق

الأثر الضار لملاحقة الصيحات عند البدء بعمل تجاري


ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدوِّن كارل براديلي (Carl Pradelli)، ويُحدِّثنا فيه عن الأثر الضار لملاحقة الصيحات عند البدء بعمل تجاري.

لقد مثَّلت لعبة سبينر 17% من مبيعات الألعاب عبر الإنترنت، لكن لم يعد لها مكان في السوق؛ إذ لم تَعُد هذه اللعبة هامة بالنسبة إلى الأشخاص الذين توسلوا ذات مرة لامتلاكها، لأنَّها لم تَعُدْ تُعَدُّ لعبة “رائعة” بعد الآن.

إنَّ الصيحات تنتشر بسرعة؛ لكنَّها لا تحافظ على شهرتها لوقتٍ طويل، وغالباً ما يلاحق رواد الأعمال هذه الصيحات العابرة لأنَّها تحقق ربحاً سريعاً؛ لكنَّها بلا مضمون وتختفي بسرعة؛ لذا فإنَّ هذه المساعي لا تدوم طويلاً؛ لذلك لا تحاول بناء مشروع تجاري على نجاح الصيحات المؤقت، مع العلم أنَّه سيفشل وسيتعيَّن عليك الانتقال إلى الصيحة التالية، وسيُحكم عليك بتكرار هذا النمط إلى الأبد.

كن قائداً في مجال عملك، وليس تابعاً، فعندما تبدأ بأيِّ عمل تجاري، فأنت تراهن بمستقبلك، لكن عندما تطارد الصيحات، فإنَّك تُعرِّض كل شيء للخطر مقابل بضعة أشهر فقط أو – إذا كنت محظوظاً – بضع سنوات من النجاح، لكن هذا الأمر ليس مستداماً، ويؤدي إلى إغفال أهم شيء في عملك، وهو قيمة عملائك، والقيمة التي تقدمها لهم.

إنَّ الصيحات غير مستقرة؛ لكنَّ القيمة ليست كذلك، وبدلاً من السعي وراء النجاح العابر، استثمر وقتك وطاقتك وشغفك في إنشاء وتعزيز إرثك، فإذا وضعت هذين الأمرين في الحسبان، فستصبح رائداً يرغب كل الأشخاص في محاكاته.

شاهد بالفيديو: كيف تبدأ مشروعاً تجارياً ناجحاً؟

 

كن حلَّالاً للمشكلات، ولا تقلِّد الآخرين:

قد يكون سلوك الشراء للمستهلك متغيراً باستمرار، وقد لا يكون السوق مستقراً، لكن ستبقى القيمة هامة دائماً، فنظراً لأنَّ رواد الأعمال يحظون بالتقدير لكونهم أصحاب رؤى، يعتقد الناس أنَّه من السهل عليهم تحقيق النجاح لأنَّهم يستطيعون التنبؤ بالصيحات المستقبلية، لكن للأسف، لا يمكن التنبؤ بها.

بدلاً من ذلك، تصبح الشركات ذات أسماء معروفة لأنَّ مهمتها بأكملها مبنية على توفير القيمة لقاعدة عملائها، فهي تحل المشكلات الموجودة في السوق، ونتيجة لذلك، تثبت نفسها بوصفها رائدة في المجال.

شركة آبل (Apple) هي خير مثال على ذلك، فلم يغامر رائد الأعمال الأمريكي ستيف جوبز (Steve Jobs) عندما ابتكر هاتف آيفون (iPhone)، فقد كان يعرف ما تفتقر إليه الصناعة وتصور جهاز الهاتف الذكي الذي من شأنه أن يحل أوجه القصور، فقبل الإعلان عن آيفون، كان هناك 22 مليون هاتف ذكي يُباع في جميع أنحاء العالم، وكانت شركات نوكيا (Nokia) وبلاك بيري (BlackBerry) وموتورولا (Motorola) وسوني إريكسون (Sony Ericsson) متصدرين في السوق، وقد كانت شركة آبل هي الوافد الجديد.

لقد توقع الجميع أنَّ جهاز آيفون سوف يفشل وانتظروا بفارغ الصبر أنباء فشله؛ لكنَّ ذلك لم يحدث؛ بل كان ثورياً؛ إذ كتب الصحفي الأمريكي والتر موسبرغ (Walter Mossberg) في صحيفة وول ستريت جورنال (The Wall Street Journal) عن آيفون أنَّه “كمبيوتر بحجم الكف جميل ورائع، يضع معياراً جديداً لصناعة الهواتف الذكية”، وما فعله ستيف كان مدروساً؛ إذ قدَّم آيفون قيمة للمستهلكين لم يقدمها أيُّ هاتف ذكي آخر في ذلك الوقت.

لو قلَّد ستيف ما فعلته كل من شَركتَي نوكيا وبلاك بيري، فلربما حقق نجاحاً لبضعة أشهر فقط، ولم تكن لديه قاعدة عملاء تضم 100 مليون شخص كما لديه اليوم؛ إذ منح ستيف المستهلكين جهازاً يتميز بتصميم مميز وعناصر المستخدم التي لم تكن موجودة في أي هاتف من قبل؛ إذ تشكل جمالية آيفون وسهولة استخدامه سابقة جديدة لصناعة الهواتف الذكية بأكملها.

يمكن للصيحات أن تُفسد السوق:

إضافة إلى أنَّها لا تدوم طويلاً، يمكن أن يكون للصيحات عواقب ضارة على الصناعات بأكملها، فأنا أملك شركة مكملات غذائية، وهي مجال عمل لا قيود للدخول إليه إلى حد ما؛ فمقابل مبلغ صغير نسبياً، يمكن لأيِّ شخص تقريباً البدء في بيع المنتجات، ولهذا السبب، يعمل الناس في مجال المكملات الغذائية أحياناً لأسباب خاطئة.

عندما يكون نهج الثراء السريع في العمل هو الدافع الأساسي لشخص ما، ويكون عملاؤه في المرتبة الثانية، فهذا يؤدي إلى سلوكات وأفعال مروعة تقوِّض ثقة المستهلك في المكملات جميعها تماماً.

خذ مثلاً ما يحدث حالياً مع مادة الكانابيديول (CBD)، فلا أملك أدنى شك في أنَّها تقدم بعض الفوائد الصحية المقنعة للأفراد، لكن توجد أسئلة عنها أكثر من الإجابات حالياً، على سبيل المثال، من يستفيد من هذه المادة؟ وكم ستستغرق من الوقت حتى تحصل على الفوائد؟ ومتى تعرف بأنَّك أخذت جرعة أكثر من اللازم؟ بينما يعتقد الباحثون أنَّ الكانابيديول يمكنه الحد من الالتهاب وتقليل القلق وتخفيف الألم، إلا أنَّ هذه الفوائد لم تثبت بعد من خلال البحث العلمي.

مع ذلك، فإنَّ ذروة نجاح مادة الكانابيديول قد بدأت، وقد اتخذت أشكالاً وأحجاماً عديدة؛ فهي موجودة في الحبوب، وحلوى الهلام والبسكويت والمشروبات ومنتجات العناية بالبشرة، والطعام وكثيراً من المنتجات الأخرى، ولقد رأيت أنَّها تروِّج لحل كل مشكلة صحية يمكن تخيلها تقريباً، لكن ما يزعجني هو أنَّه قد يصبح من المستحيل بالنسبة إلى المستهلكين فصل الحقيقة عن الخيال، وهذا يمكن أن يفسد السوق قبل أن نتعلم كل صغيرة وكبيرة عن هذا المنتج.

يمكن أن يتأثر المستهلكون سلباً من التجارب الأولية التي لم تسر على ما يرام، فيتخلون عن المكملات الغذائية إلى الأبد، في الوقت الذي لا تكون فيه المشكلة هي المكملات بحد ذاتها؛ بل الطريقة التي تُسوقت بها أنا أستخدم الكانابيديول كمثال، لكن هذه الظاهرة تحدث كثيراً في مجال عملي؛ ففي شركتي، نيتشر سيتي (NatureCity)، إنَّنا نستخدم المكونات التي أثبت العلم فاعليتها، لكن كل ما يتطلبه الأمر هو خطأ واحد لتدمير ثقة المجال بأكمله وسمعته.

في الختام:

يجب أن يكون العملاء أكثر قيمة من مبيعاتك دائماً، ويجب أن تأتي احتياجاتهم أولاً، وهذا يجب أن يوجه رسالة شركتك بالكامل من المنتجات التي تُنشئها إلى استراتيجية التسويق الخاصة بك وكل شيء بينهما، ومن المستحيل بناء شركة دون رسالة، ويجب أن تكون هذه الرسالة هي توفير قيمة لعملائك دائماً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى