أحدث الاتجاهات في التسويق الرقمي

تغيَّرت الطريقة التي نتسوَّق بها تغيُّراً جذرياً بفضل التكنولوجيا المتقدِّمة والذكاء الاصطناعي، ممَّا فتحَ المجال أمام اتجاهات جديدة تُعيد تشكيل السوق وتخلق فرصاً غير مسبوقة للمنافسة حتى للشركات الصغيرة. في هذا المقال، سنقدِّم لكم أحدث الاتجاهات في التسويق الرقمي، وكيف أصبحت المحرِّك الأساسي لتحقيق النجاح في عالم الأعمال اليوم.
التسويق باستخدام الذكاء الاصطناعي
التسويق باستخدام الذكاء الاصطناعي (AI Marketing) هو عملية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات، واتخاذ قرارات ذكية، وتنفيذ استراتيجيات تسويقية بطرائق أسرع وأكثر دقة. يحسِّن الذكاء الاصطناعي الحملات الإعلانية، والتفاعل مع العملاء، ويُحلِّل البيانات بطرائق متقدِّمة. وظهرت مع تطور هذا المجال عدة أنواع من التسويق باستخدام الذكاء الاصطناعي، منها:
1. التسويق الشخصي
هل سبقَ ولاحظْت أنَّ الإعلانات التي تظهر لك تبدو وكأنَّها معدَّة خصيصاً لك؟ هذا ليس من قبيل الصدفة، فقد أحدث الذكاء الاصطناعي تحولاً جذرياً في مجال التسويق، فأصبح بالإمكان تخصيص الإعلانات والتوصيات تخصيصاً غير مسبوق. من خلال تحليل كميات ضخمة من البيانات المتعلِّقة بسلوك المستخدمين، تتمكَّن خوارزميات الذكاء الاصطناعي من التنبؤ بما قد تشتريه، أو بما يجذب اهتمامك، أو حتى بما قد تحتاجه قبل أن تدرك ذلك.
وقد غيّر هذا التقدُّم طريقة تعامل الشركات مع التسويق، ممَّا يسمح لها بإنشاء حملات موجَّهة تلبِّي احتياجات كل عميل على حِدة، ورغم الفوائد الكبيرة لهذا النوع من التسويق في تحسين تجربة العملاء وكفاءة الحملات التسويقية، فإنَّه يتطلب الحرص على حماية خصوصية المستخدِمين والامتثال للقوانين، إلى جانب التوازن بين التخصيص وعدم التدخُّل المفرِط، مع مراعاة التكاليف المرتبطة بتطوير هذه الأنظمة.
2. إنشاء المحتوى الآلي
يعدُّ إنشاء المحتوى الآلي باستخدام الذكاء الاصطناعي من أبرز التطورات في مجال التسويق الرقمي، فهو يعتمد على توليد نصوص ومحتويات تسويقية توليداً تلقائياً بناءً على خوارزميات متقدِّمة. يُحلِّل الذكاء الاصطناعي البيانات المتاحة حول العملاء واهتماماتهم، ومن ثمَّ يُنتِج محتوى مخصصاً يتناسب مع احتياجات الجمهور المستهدَف. تمكّن هذه التكنولوجيا الشركات من إنشاء مقالات، ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، ونصوص إعلانية بأقل جهد بشري، ممَّا يوفِّر الوقت والموارد.
كما أنَّ المحتوى الآلي يسمح بالتوسع في نطاق الحملات التسويقية، فيمكن توليد محتوى ضخم في وقت قصير وتحديثه باستمرار بناءً على البيانات الحديثة، ومع ذلك يتطلَّب الاعتماد على هذه الطريقة مراقبة جودة المحتوى، فقد تكون هناك حاجة للتدخُّل البشري لضمان تميُّز النصوص ودقتها، وضمان أنَّ المحتوى يعكس العلامة التجارية جيداً.
3. تحسين تجربة المستخدم
يحسِّن التسويق باستخدام الذكاء الاصطناعي تجربة المستخدم من خلال تقديم تجارب مخصَّصة ومتفاعلة. يعتمد الذكاء الاصطناعي على تحليل بيانات المستخدم وسلوكه لفهم تفضيلاته واحتياجاته، ممَّا يسمح للشركات بتقديم توصيات موجَّهة، ومحتوى ملائم، وعروض مخصصة في الوقت المناسب، وهذا يعزِّز رضى المستخدم ويزيد من تفاعله مع العلامة التجارية، فيشعر بأنَّ التجربة مصمَّمة خصيصاً له، ممَّا يؤدي إلى تحسين ولائه وزيادة معدلات التحويل.
شاهد بالفيديو: 5 مهارات مهمة بالتسويق الرقمي
التسويق من خلال الفيديو
التسويق من خلال الفيديو هو استراتيجية تسويقية تعتمد على استخدام مقاطع الفيديو للترويج للمنتجات، أو الخدمات، أو بناء العلامة التجارية. تُستخدَم مقاطع الفيديو لجذب انتباه الجمهور ونقل الرسائل التسويقية بفعالية من خلال منصات متنوعة، مثل مواقع التواصل الاجتماعي (مثل يوتيوب، وفيسبوك، وإنستغرام)، والمواقع الإلكترونية، والبريد الإلكتروني، وغيرها، فأصبح التسويق باستخدام الفيديو أداة قوية وفعَّالة في عالم التسويق الرقمي الحديث.
تعتمد ما يقرب من 90% من الشركات على الفيديو بوصفها جزءاً من استراتيجيتها التسويقية، فيُستخدم الفيديو لتثقيف الجمهور، وتوليد العملاء المحتملين، وتحويلهم إلى عملاء فعليين. سهّل تطور التكنولوجيا إنتاج الفيديو عالي الجودة أكثر من أي وقت مضى، ويمكن حتى تصوير فيديوهات بدقة 4K باستخدام الهواتف الذكية، ورغم أنَّ إنتاج الفيديو أصبح أسهل، إلَّا أنَّ التخطيط الفعَّال واستخدام الأدوات المناسبة ما زالا يشكِّلان تحدياً للمسوِّقين. تشمل أنواع الفيديوهات المستخدمة في التسويق من خلال الفيديو ما يأتي:
1. الفيديو القصير (Shorts)
الفيديو القصير هو نوع من محتوى الفيديو الذي يتراوح عادة بين 15 ثانية إلى دقيقة واحدة، وهو مصمَّم ليتناسب مع أنماط المشاهدة السريعة للجمهور. تبرز هذه الأنواع من الفيديو في منصات، مثل يوتيوب (YouTube Shorts)، وإنستغرام (Instagram Reels)، وتيك توك (TikTok)، ويهدف الفيديو القصير إلى جذب الانتباه جذباً سريعاً ومباشراً، ممَّا يجعله مثالياً لعرض الإعلانات، أو المنتجات الجديدة، أو نصائح سريعة.
تتميَّز مقاطع الفيديو القصيرة بأنَّها تفاعلية وجذَّابة، ويمكن للمستخدمين التفاعل معها من خلال الإعجابات والتعليقات والمشاركة، ويعدُّ هذا النوع من الفيديو فعَّالاً في زيادة الوعي بالعلامة التجارية وزيادة التفاعل، خاصةً بين الجمهور الأصغر سنَّاً، فيميلون إلى استهلاك المحتوى بشكل أسرع.
2. البث المباشر
البث المباشر هو تقنية تتيح للمستخدمين عرض محتوى الفيديو في الزمن الحقيقي، ممَّا يوفِّر تفاعلاً فورياً مع الجمهور، ويمكن أن يتضمَّن البث المباشر أحداثاً مثل الندوات، ومؤتمرات الصحافة، والعروض الحية للمنتجات، وجلسات الأسئلة والأجوبة، ويُقدَّم هذا النوع من الفيديو على منصات، مثل فيسبوك، إنستغرام، يوتيوب. تتيح ميِّزة البث المباشر للمشاهدين التفاعل مع المحتوى من خلال التعليقات والأسئلة، ممَّا يعزِّز العلاقة بين العلامة التجارية والجمهور، وهذا النوع من الفيديو يبني الثقة والشفافية، فيشعر المشاهدون بأنَّهم جزء من الحدث، ويكونون قادرين على التفاعل مباشرة مع العلامة التجارية. كما يمكن للبث المباشر أن يزيد من حماس الجمهور.
3. الفيديو التفاعلي
الفيديو التفاعلي هو نوع متقدِّم من محتوى الفيديو يتيح للمشاهدين التفاعل مع المحتوى تفاعُلاً مباشراً، ويتضمَّن هذا النوع من الفيديو عناصر، مثل الاختيارات، والأسئلة، والتعليقات، ممَّا يسمح للمستخدمين بتوجيه تجربتهم الخاصة، ويُستخدَم الفيديو التفاعلي في الإعلانات، والدروس التعليمية، وتجارب العلامات التجارية، ويكون مفيداً خصوصاً في تحسين معدَّل التفاعل والاحتفاظ بالمشاهدين. يمكن أن يتضمَّن الفيديو التفاعلي أيضاً عناصر مثل الألعاب، أو استطلاعات الرأي، أو خيارات الاختيار بين مسارات مختلفة، ممَّا يعزِّز من تجربة المُشاهد ويجعله جزءاً فعَّالاً من المحتوى، ويعدُّ هذا النوع من الفيديو أداة قوية لجذب انتباه الجمهور وتحفيزه على التفاعل مع العلامة التجارية تفاعُلاً أكبر، ممَّا يؤدي إلى تحسين معدلات التحويل، وزيادة الوعي بالعلامة التجارية.
التسويق من خلال التجارة الإلكترونية
التسويق من خلال التجارة الإلكترونية هو نوع من التسويق الرقمي الذي يركِّز على الترويج للمتاجر والمنصات الإلكترونية بهدف جذب العملاء وزيادة المبيعات من خلال الإنترنت. يُعدُّ هذا المجال أحد العناصر الأساسية في الاقتصاد الرقمي الحديث، فيعتمد على استراتيجيات مبتكَرة تشمل جذب الزوَّار إلى المتاجر الإلكترونية، وتحويلهم إلى عملاء فعليين، والاحتفاظ بهم بعد الشراء، وتستفيد الشركات من مجموعة متنوعة من الأدوات، مثل تحسين محرِّكات البحث، والإعلانات المدفوعة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتسويق من خلال البريد الإلكتروني لتحقيق أهدافها. مع تطور التجارة الإلكترونية، من المتوقَّع أن تصل مبيعاتها عبر الإنترنت إلى 6.9 تريليون دولار بحلول عام 2025، ممَّا يعزِّز من أهمية التسويق عبر التجارة الإلكترونية في دعم النمو التجاري وزيادة انتشار العلامات التجارية.
التسويق المستدام
التسويق المستدام هو استراتيجية تسويقية تركِّز على الترويج للمنتجات والخدمات والممارسات التي تحترم البيئة وتراعي المسؤولية الاجتماعية، والهدف منه هو تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة من خلال تقديم منتجات وخدمات صديقة للبيئة واتباع ممارسات تسويقية تُظهر اهتمام الشركة بالمجتمع والبيئة. يبني هذا النوع من التسويق علاقة طويلة الأمد بين العلامة التجارية والعملاء من خلال تعزيز القِيَم التي تحظى بتقدير متزايد في الأسواق الحديثة، وأهم أنواعه:
1. التسويق الأخضر
التسويق الأخضر، المعروف أيضاً بالتسويق البيئي، هو استراتيجية ترويجية تعزِّز منتجات الشركات التي تتميَّز بالاستدامة والاعتبارات البيئية، ويتضمَّن هذا النوع من التسويق تصميم تعبئة مستدامة، وإنتاج منتجات تقلِّل من بصمة الكربون للمستهلك، واستخدام إجراءات صديقة للبيئة خلال توزيع المنتجات، كما تستخدم الشركات التسويق الأخضر عندما تتبرع لهيئات غير ربحية تعزز المبادرات المستدامة. تتعدد فوائد التسويق الأخضر، إذ يساعد الشركات على جذب شريحة جديدة من المستهلكين الذين يهتمون بالتأثير البيئي للشركات، وكذلك يزيد من ولاء العملاء ويعزِّز الربحية، خاصةً عندما تكون الشركات أوَّل من يقدِّم منتجات صديقة للبيئة في سوقها.
علاوة على ذلك، يمكن أن يقلِّل التحول إلى ممارسات تصنيع صديقة للبيئة التكاليف العامة، مثل تقليل استهلاك المياه والطاقة وتكاليف التخلص من النفايات.لا يخلو التسويق الأخضر من التحديات، فبعض المستهلكين قد ينتقدون الشركات التي تعتمد على هذه الاستراتيجيات لمجرد مواكبة الاتجاهات دون الالتزام الفعلي بالاستدامة. لذلك، يجب على الشركات الالتزام بالشفافية والوفاء بوعودها البيئية لتجنُّب الاتهامات بـ “تبييض البيئة”، وعلى الرغم من ذلك، فإنَّ التسويق الأخضر يخلق بيئة أكثر استدامة، ممَّا يتيح للشركات تحقيق أرباح أكبر مع تعزيز مسؤوليتها تجاه البيئة والمجتمع.
2. التسويق الاجتماعي
التسويق الاجتماعي هو استخدام تقنيات التسويق لتحقيق أهداف اجتماعية أو بيئية، ويهدف إلى تغيير سلوكات المستهلكين أو المجتمعات باتِّجاه أنماط أكثر استدامة. يرفع هذا النوع من التسويق الوعي بقضايا، مثل حماية البيئة، والترويج للصحة العامة، ودعم العدالة الاجتماعية، ونشر التعليم ومحاربة الفقر.
شاهد بالفيديو: 7 طرق للتسويق عبر إنستغرام
نصائح لزيادة فاعلية المسوِّقين
لتحقيق أقصى استفادة من جهود التسويق، إليك بعض النصائح القيمة التي يمكن للمسوقين تطبيقها لزيادة فاعليتهم:
1. اطلع على أحدث الاتجاهات
عالم التسويق سريع التغيّر، فتظهر اتجاهات جديدة باستمرار في تقنيات التسويق وسلوك المستهلك؛ لذا من الضروري للمسوِّقين أن يظلوا على اطلاع دائم بأحدث التطورات. يجب متابعة المدوَّنات والمجلات لقراءة المنشورات المتخصصة في التسويق وحضور الندوات من خلال الإنترنت (webinars) لاكتساب مهارات جديدة، بالإضافة إلى متابعة المؤثرين في مجال التسويق على منصات، مثل تويتر ولينكد إن، حيث يتم تبادل الأفكار والاتجاهات الجديدة.
2. جرِّبْ وابتكِرْ
التجربة والابتكار هما جوهر أية استراتيجية تسويقية ناجحة، ويتطلب النجاح في التسويق إجراء تجارب على استراتيجيات وأساليب جديدة لمعرفة ما يناسب الجمهور المستهدف. مثلا اختبار A/B يمكن للمسوِّقين اختبار نسخ مختلفة من الإعلانات أو صفحات الهبوط لمعرفة أيها يحقِّق أداءً أفضل. كما يمكن استخدام أدوات التحليل لفهم سلوك المستخدمين وتحديد الأنماط والاتجاهات، ممَّا يسهِّل الابتكار بناءً على نتائج التجارب.
3. تكيَّفْ مع المتغيِّرات
تتغيَّر الأسواق باستمرار، وتؤثر العوامل الاقتصادية والتكنولوجية والاجتماعية في سلوك المستهلك، ويجب على المسوِّقين أن يكونوا قادرين على التكيُّف مع هذه التغيرات لضمان استمرارية النجاح من خلال:
3.1. تحليل الاتجاهات
استخدام أدوات التحليل لتتبُّع التغيُّرات في سلوك المستهلك وسوق المنافسة، ممَّا يساعد على إجراء التعديلات اللازمة في الوقت المناسب.
3.2. تدريب الفُرَق
تقديم برامج تدريبية للموظفين لتعزيز قدرتهم على التعامل مع التغيرات السريعة.
3.3. استراتيجيات مرنة
يجب أن تكون استراتيجيات التسويق مرنة بما يكفي لتعديلها أو تغييرها بناءً على الظروف الجديدة.
4. ركِّزْ على تجربة المستخدِم
إذا كانت تجربة المستخدم إيجابية، فمن المرجَّح أن يظلَّ العملاء مرتبطين بالعلامة التجاري. يمكن تحسين تجربة المستخدم من خلال:
4.1. تحسين واجهة المستخدم
التأكُّد من أنَّ مواقع الويب وتطبيقات الهاتف المحمول سهلة الاستخدام وسريعة الاستجابة.
4.2. استطلاعات الرأي والتعليقات
جمع آراء العملاء حول تجربتهم مع المنتجات والخدمات لتحسين العمليات المستقبلية.
4.3. التفاعل الشخصي
استخدام استراتيجيات التسويق المستندة إلى البيانات لتقديم محتوى وتجارب مخصصة تتناسب مع احتياجات وتفضيلات المستخدمين.
في الختام
في الختام، يعدُّ التوجه باتِّجاه أحدث الاتجاهات في التسويق الرقمي خطوة ضرورية لضمان نجاح أية استراتيجية تسويقية في هذا العصر المتسارع. من خلال الاستفادة من التقنيات المتطوِّرة والتكيُّف مع تفضيلات العملاء المتغيِّرة، يمكن للشركات أن تبقى في الصدارة وتحقِّق نمواً مستداماً. سيمكِّن الاستثمار في الابتكار والاستمرار في مواكبة المستجدات المسوِّقين من الاستفادة القصوى من الفُرص الرقمية المتاحة، ويعزِّز من قوة علاماتهم التجارية في السوق.
اكتشاف المزيد من رذاذ التجارة والاقتصاد
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.