استراتيجيات التسويق

الميزة التنافسية: مفهومها وأهميتها وأنواعها وخصائصها


اليوم أصبح لزاماً على المنظمات الراغبة في تحقيق النجاح والاستمرار والصمود أمام المنافسة الشرسة، امتلاك أو إنشاء الميزة التنافسية؛ وذلك عن طريق استخدام الموارد المتاحة أو الحصول على موارد جديدة بكلفة أقل وجودة أفضل من المنافسين في السوق.

أولاً: مفهوم الميزة التنافسية

حظي مفهوم الميزة التنافسية بأهمية بالغة في الآونة الأخيرة، وأطلق عليها مسميات عديدة تختلف في الشكل لكنَّها تتفق في المضمون مثل: (القدرة التنافسية) و(النجاح التنافسي) و(التميز التنافسي)، فالميزة التنافسية هي الكيفية التي تعمل من خلالها المنظمة من أجل تحقيق التميز والتفوق على منافسيها، فقدرة المنظمة على البقاء والاستمرار والتكيف والانتقال من مركز المنظمة التابعة إلى مركز المنظمة المنافسة، المتحدية القادرة على الحصول على المزايا التنافسية القادرة على تحقيق العوائد الأعلى.
تتولد الميزة التنافسية من داخل المنظمة في الأساس، فهي التي تعمل على ابتكار المزايا التنافسية بوصفها تعمل ضمن بيئة خارجية تؤثر وتتأثر فيها، كما أنَّ هذه البيئة تعدُّ مصدراً لابتكار الميزة التنافسية ومواجهة التحديات الخارجية من خلال تدعيم مركزها التنافسي عبر تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة (المادية والبشرية).
المنظمة بمجرد قدرتها على إحداث إبداع بمفهومه الواسع؛ أي أن تتوصل إلى اكتشاف طرائق جديدة أكثر فاعلية من الطرائق التي تتبعها المنظمات الأخرى، نقول إنَّها لديها ميزة تنافسية.
يعدُّ الكاتب Alderson أول من أشار إلى الميزة التنافسية في عام 1965، فقد عبَّر عنها بالقول: إنَّها (تعبير عن سعي الشركة إلى إنشاء أو امتلاك سمات فريدة تميزها عن غيرها من الشركات العاملة في ذات الصناعة).

الميزة التنافسية هي:

– هي المجالات والنشاطات التي تتفوق فيها المنظمة عن سواها.
– كل ما يمكن أن يميز المنظمة إيجابياً عن منافسيها من وجهة نظر المستهلكين.
– قدرة المنظمة على تقليص التكاليف النهائية وتحقيق العوائد الأعلى.

بالعودة إلى تاريخ الميزة التنافسية فقد مرت بعدة مراحل:

1. المرحلة الأولى:

التي امتدت منذ نهاية الثلاثينيات إلى بداية الستينيات، وبرز فيها بشكل خاص كل من الباحثين (Chamberlin، Selznick، Alderson)، وتم في هذه المرحلة ربط الميزة بالكفاءة.

2. المرحلة الثانية:

من بداية السبعينيات إلى منتصف الثمانينيات، وتم التركيز خلالها على الفرص والتهديدات ونقاط القوة ونقاط الضعف وعُدَّت الميزة التنافسية إحدى المكونات الاستراتيجية للشركة.

3. المرحلة الثالثة:

من منتصف الثمانينيات إلى منتصف التسعينيات، وبرز خلالها كل من (Day، Porter، Fahey) ومن أهم الأفكار التي سادت هذه المرحلة هي النظر إلى الميزة بوصفها هدفاً استراتيجياً، وتحقيق هذه الميزة سوف يؤدي إلى تحقيق الأداء المميز، فالميزة هي القيمة المضافة.
لا بد من الإشارة إلى ظهور مجموعة من العوامل التي ساهمت مجتمعة في الاهتمام بتحقيق الميزة التنافسية منها:

  1. الانفتاح على الأسواق الخارجية نتيجة الحركة التجارية الدولية وتعدُّد الفرص في الأسواق العالميَّة.
  2. التطور الهائل والكبير في تقنيات الاتصال والمعلومات والتي أتاحت توفير المعلومات عن الأسواق، وتطوير أساليب بحوث السوق، والشفافية التي أصبحت تتعامل فيها المنظمات.
  3. زيادة الاستثمارات في مجالات البحث العلمي، وهذا أدى إلى تزايد عمليات الابتكار.
  4. ارتفاع مستويات الجودة وسهولة دخول منافسين جدد إلى الأسواق.
  5. حدوث تغيرات في القيود الحكومية مثل مواصفات المنتج وحماية البيئة من التلوث.
  6. ظهور قطاعات جديدة في الصناعة.

ثانياً: أهمية الميزة التنافسية

  1. الميزة التنافسية مؤشر إيجابي لتفوق المنظمة على المنافسين، فهي تسمح بتحقيق معدلات أداء عالية؛ وذلك بالشكل الذي يمكِّنها من الحصول على حصة سوقية أكبر في السوق من المنظمات المنافسة لها، ومن ثم زيادة في حجم المبيعات والأرباح من جهة وزبائن أكثر رضى وسعادة وأقل تعرضاً لهجمات المنافسين من جهة أخرى.
  2. تتخذ الميزة التنافسية معياراً يحدد مدى نجاح المنظمات.
  3. تحفز الميزة التنافسية العاملين على الاستمرار وتطوير العمل.
  4. تضع القواعد الأساسية التي من شأنها تحقيق الاستثمار الأمثل والاستفادة القصوى من الموارد المتاحة للمنظمة.
  5. تحديد نقاط القوة والضعف في المنظمة، ومن ثم تحديد المهارات والإمكانات والفرص التي يمكن استثمارها لتعزيز قوتها التنافسية في الأسواق الداخلية والخارجية، فتحليل القائمين على المنظمة لموقعها التنافسي يسهم في تحديد الجوانب التي ينبغي التركيز عليها من أجل تطويرها لسد الفجوة الموجودة.
  6. تسهم الميزة التنافسية في تحفيز المنظمات في البحث عن سبل تطوير مزاياها التنافسية؛ وذلك من خلال البحث عن الفرص الجديدة، ودراسة ما تتمتع به من مزايا نسبية، وتحويلها إلى مزايا تنافسية، وزيادة الإنفاق على البحث والتطوير، واعتماد برامج الجودة بالشكل الذي يحسِّن أداءها.
  7. تقديم الخدمات والسلع المميزة وبما يناسب الاحتياجات المختلفة للعملاء بالكمية المطلوبة وبالمكان والزمان المناسبَين.
  8. الميزة التنافسية هي سلاح المنظمة في مواجهة تحديات السوق، فالميزة التنافسية تتسم بالاستمرارية والتجدد، ومن ثم توجد فرصة مستمرة لمتابعة التطور والتقدم على الأمد الحالي والبعيد.
  9. الميزة التنافسية تزيد من قدرة المنظمة على إقناع الزبائن بما تقدمه من خدمات ومنتجات والمميزة بدورها عما يقدمه المنافسون لها.
  10. ترفع الميزة التنافسية من الروح المعنوية للعاملين في المنظمة، وهذا ينعكس بشكل إيجابي على مستويات أدائهم.

شاهد بالفيديو: 3 أنواع للميزة التنافسية و4 خطوات لتحديد ميزتك

 

ثالثاً: خصائص الميزة التنافسية

  1. الاستدامة: الميزة التنافسية تحقق الأفضلية والسبق على الأمد الطويل للمنظمة وليس فقط على الأمد القصير.
  2. النسبية: تتسم الميزة التنافسية بالنسبية مقارنة بالمنافسين أو مقارنتها خلال فترات زمنية مختلفة.
  3. متجددة: يجب أن تتوافق الميزة التنافسية مع المتطلبات الجديدة للبيئة الداخلية والخارجية للمنظمة.
  4. المرونة: أي أن تسمح الميزة التنافسية بإحلال مزايا تنافسية جديدة مكملة أو بديلة لها.
  5. مناسبة للأهداف، يجب أن تتناسب الميزة التنافسية مع الأهداف الأساسية التي تضعها المنظمة على الأمد القصير والطويل.

رابعاً: أنواع الميزة التنافسية

1. ميزة التكلفة الأقل:

تشير ميزة التكلفة الأقل إلى قيام المنظمة بإنتاج سلع ومنتجات وخدمات بتكلفة أقل مما تنتجه المنظمات الأخرى.

2. ميزة الجودة:

تشير إلى قدرة المنظمة على تقديم منتجات وسلع متميزة الجودة وتلقى رضى عملائها وتستطيع المنظمة من خلالها زيادة حصتها السوقية.

3. ميزة الوقت الأقل:

تشير إلى قيام المنظمة بالالتزام بجداول زمنية معينة في التعامل مع العملاء؛ عبر تخفيض زمن العمليات الإنتاجية أو تخفيض زمن تقديم المنتجات.

خامساً: مؤشرات الميزة التنافسية

توجد مجموعة متنوعة من المؤشرات التي تشير إلى امتلاك المنظمة للميزة التنافسية، أهمها:

1. الربحية:

تنتج الربحية عن حساب صافي الدخل إلى الأصول أو الاستثمارات، ويمكن للمنظمة العمل على تعظيم الربحية من خلال زيادة الاستثمارات واستثمار مواردها بالشكل الأمثل.

2. الحصة السوقية:

يستخدم هذا المؤشر لحساب حصة المنظمة من المبيعات في السوق ومقارنتها مع مبيعات المنافسين لها، وانخفاض مؤشر الحصة السوقية يشير إلى وجود مشكلة ما يجب على الإدارة حلها، وتُحسَب الحصة السوقية بثلاث طرائق:\

  1. الحصة السوقية الإجمالية : تُحسَب عبر تقسيم مبيعات المنظمة على إجمالي المبيعات الكلية في السوق.
  2. الحصة السوقية النسبية: تُحسَب عبر تقسيم مبيعات المنظمة الكلية على مبيعات أكبر المنافسين للمنظمة.
  3. حصة السوق المخدوم: تُحسَب عبر تقسيم مبيعات المنظمة الكلية على المبيعات الإجمالية للسوق المخدوم.

3. حجم المبيعات:

تضع المنظمات منذ بداية عملها أهدافاً محددة ترتبط بحجم المبيعات من أجل متابعة أداء المنظمة ونجاحها.

سادساً: مصادر الميزة التنافسية

1. الإبداع:

أصبحت قدرة المنظمة على الإبداع مصدراً متجدداً من مصادر الحصول على الميزة التنافسية.

2. الزمن:

الوصول إلى الزبون بشكل أسرع من المنافسين الآخرين يمثل ميزة تنافسية ويمكن للمنظمة خفض زمن تقديم المنتجات إلى الأسواق، تخفيض زمن دورة التصنيع، تخفيض الزمن بين طلب الزبون وبين تسليم المنتج.

3. المعرفة:

يعيش العصر الحالي حالة تسمى (انفجار المعرفة)، وتعدُّ المصدر الأول والأهم في تحقيق الميزة التنافسية.

4. المصادر الداخلية للمنظمة:

مثل الطاقة، قنوات التوزيع، الموجودات، المواد الأولية، النظم الإدارية المستخدمة، التقنيات الموجودة وسواها.

5. المصادر الخارجية للمنظمة:

مثل ظروف العرض والطلب على المواد الأولية، الكفاءات البشرية، العلاقات التي تبنيها المنظمة مع الآخرين.

في الختام:

لقد مثَّل مفهوم الميزة التنافسية ثورة كبرى في عالم الأعمال، ويجب على المنظمات التي تريد الاستمرار في البقاء في السوق وزيادة حصتها السوقية السعي بجد واجتهاد إلى امتلاك هذه المزايا، فتزداد أهمية الميزة التنافسية يوماً بعد يوم بسبب ما يشهده العالم المالي الجديد من تحولات وما يوفره من فرص، والتي إذا ما استُثمِرَت استثماراً صحيحاً سوف تؤدي إلى تعظيم العائدات والأرباح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى