استشارات مالية

كيف يمكن المساهمة في حل مشكلة التقلص في صافي الأجور؟


بصفتنا مزودين لبرامج حسم الموظفين، نسمع أرباب العمل يتحدثون عن ذلك كل يوم، وهي علامةٌ مشجعةٌ على أنَّ معظم المنظمات تتطلع إلى جعل مكان عملها مكاناً أفضل، ومع ذلك، نسمع أيضاً عن تذمُّر الموظفين الذين غدوا غير راضين أكثر فأكثر عن الأجور التي يتلقونها؛ فبتنا نقرأ عن تقلُّص الطبقة الوسطى، وكيف أنَّ العائلات التي تملك دخلين تواجه صعوبة في تغطية نفقاتها أيضاً.

إذاً، أين يكمن الاختلاف بين الشركات التي تهتم براحة الموظفين، وبين الموظفين أنفسهم الذين ينظرون إلى واقعهم الاقتصادي من منظورٍ مختلفٍ تماماً؟

للمساعدة على الإجابة عن هذا السؤال، ألقينا نظرةً فاحصةً على الأرقام الكامنة وراء تعويضات الموظفين في أمريكا، وقد وجدنا بعض الحقائق التي فتحت أعيننا وربما قد تفسر سبب الاضطرابات المتزايدة وعدم الرضا بين أفراد القوى العاملة.

ومن الأسباب الرئيسة ما يأتي:

بين عامي 2006 و2014، شهدت الأسرة الأمريكية المتوسطة انخفاضاً في صافي الأجور بأكثر من 10%، وما يقارب 25% إذا وضعنا في الحسبان تأثير التضخم الاقتصادي، وربما ليس من المستغرب أن يكون السبب الرئيس هو ارتفاع تكلفة التغطية الصحية لأولئك الذين يمكنهم تحمُّلها في المقام الأول.

وفي حين أنَّ البيانات الحديثة في الولايات المتحدة قد كشفت عن بعض التحسن في الأجور، إلا أنَّ العمال الأمريكيين ما يزالون يجدون أنَّ قوَّتهم الشرائية ما زالت أقل بكثير ممَّا كانت عليه قبل عقدٍ وحسب من الزمان.

ما هي أسباب ضعف القوَّة الشرائية؟

يُقيِّم بحث متوسط مستويات الأجور مقابل تأثير الضرائب الاتحادية وأقساط التأمين الصحي والحسومات الطبية التي يدفعها الموظفون من حسابهم الخاص.

لقد أظهر البحث الذي جُمِع من مصادر حكومية ومصادر في قطاع الرعاية الصحية، أنَّ معدلات الضرائب قد ظلَّت ثابتةً بشكلٍ فعَّالٍ خلال فترة 9 سنوات، إلا أنَّ الحسومات على أقساط التأمين الصحي قد زادت بنسبة 62%، وارتفعت الحسومات؛ أي المبلغ الذي يتحمل الموظفون مسؤولية دفعه من دون أيِّ مزايا، بمقدار 108% إضافية؛ وهذا ما أدى إلى انخفاض الدخل السنوي التقديري بما يقارب 5000 دولار؛ أي 10.5% للأسرة الأمريكية المتوسطة.

والأسوأ من ذلك، أنَّ هذا البحث قد يقلل في الواقع من تكلفة الخسارات المالية؛ إذ إنَّ البيانات المتاحة كانت خاصةً بالتغطية الفردية وحسب، ولم تشمل التغطية العائلية، وبالنظر إلى أنَّ الحسومات تكون دائماً أعلى بالنسبة إلى العائلات منها بالنسبة إلى الأفراد – وفي كثيرٍ من الأحيان بمقدار الضعف – فإنَّ تأثير الخسارة المالية في الأجور الصافية كان تقريباً أعلى تماماً.

ولم يتضمن البحث التكلفة المتعلقة بالدفع المشترك والتأمين المشترك والأدوية أو الإجراءات التي لا تغطيها الخطط التي يرعاها رب العمل.

أثر التضخم:

يزداد الانخفاض في القوة الشرائية سوءاً عند وضع التضخم في الحسبان، ومع المعدلات التي كانت عند أدنى مستوياتها منذ 50 عاماً أو قرابة ذلك، فقد شهدت الأسرة الأمريكية المتوسطة أنَّ التضخم أدى إلى تناقص قيمة دخلها التقديري بنسبةٍ هائلةٍ بلغت 24% في السنوات بين 2006 و2021.

الآثار واسعة النطاق:

يبدو أنَّ آثار هذه الأجور الضائعة واسعة النطاق بالنسبة إلى الموظفين وأرباب العمل على حدٍّ سواء؛ فوفقاً لأحدث استطلاعٍ عن صحة الموظف أجرته شركة “برايس ووترهاوس كوبرز” (PwC)، أبلغ ما يقارب نصف الموظفين، و72% من البالغين عموماً، عن شعورهم بالضيق بشأن حالاتهم المالية، وفي استطلاع آخر، وجد مجلس نظام الاحتياطي الفيدرالي أنَّ العدد نفسه تقريباً سيعاني مشكلةً إذا اضطر إلى تغطية حالة طوارئ ماليةٍ لا تتجاوز 400 دولاراً.

ارتبط هذا القلق المالي المتزايد بالزيادات الأخيرة في معدلات الاكتئاب والانتحار، وكذلك بانخفاض مشاركة وإنتاجية الموظف وتغيُّبه، وأدت الاضطرابات المالية إلى تخلِّي الكثيرين عن الرعاية الصحية اللازمة.

في استطلاعٍ حديثٍ لمؤسسة “كومنولث فاند” (Commonwealth Fund)، أفاد 4 من كل 10 بالغين غير مؤمَّنين بعدم حصولهم على الرعاية التي يحتاجون إليها بسبب التكلفة، وفي دراسةٍ أجراها مركز “أسوسيتيد بريس-ن.و.ر.ك” (Associated Press-NORC) لأبحاث الشؤون العامة، تخلَّى 47% من عمال الطبقة الوسطى عن خدمات الرعاية الصحية، أو عانوا من ضائقةٍ ماليةٍ بسبب النفقات الطبية.

كيف يمكن لأرباب العمل المساهمة في حل المشكلة؟

سيكون من الرائع لو كان لدى كل منظمةٍ الميزانية اللازمة لرفع الأجور بسهولة، وتجميد زيادات التأمين الصحي من الآن فصاعداً، والحقيقة هي أنَّ أرباب العمل الذين يتطلعون إلى المستقبل، يجب أن يجدوا حلولاً إبداعيةً لمساعدة الموظفين على الاستفادة من رواتبهم أكثر، وإليك بعض الاقتراحات:

1. النظر إلى حسومات الموظفين على أنَّها ميزة:

بصفتنا مزودين لحسومات الموظفين، من الواضح أنَّ علينا التحلِّي بإيمانٍ كبيرٍ بقدرتهم على استعادة القوة الشرائية لرواتبهم، ومع ذلك، لا يجب تأمين جميع الحسومات من خلال مزودٍ خارجي؛ لذا جرِّب الشراكة مع مطعمٍ قرب مكتبك، أو اسأل مركز اللياقة البدنية المحلي لديك عن مدى توفر حسومات على المجموعات.
ومع وجود ما يكفي من الوقت والمثابرة، قد تكون قادراً على مساعدة الموظفين على توفير المال في الأماكن التي يتسوقون فيها كثيراً؛ لذا إن قررت البحث في برامج الخصم الخارجية للموظفين، فتأكد من أنَّك تعرف ما تتعامل معه وتحصل عليه، وليس من الضروري أن تكون باهظة الثمن، ولكن يجب أن تقدِّم قيمةً منطقية.2.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح للتفاوض حول الراتب

 

2. دعم القروض الطلابية:

إنَّ أرباب العمل الذين يبحثون عن الاحتفاظ بأفضل العاملين لديهم لفترةٍ طويلة – وجيل الألفية على وجه الخصوص – يكفيهم النظر إلى حسابات ديون الطلاب.
ومع إجمالي ديون الطلاب في الولايات المتحدة بأكثر من 1.2 تريليون دولار، ومتوسط الخريجين الذين يتحملون قروضاً طلابية تزيد عن 33000 دولار، فإنَّ التأثيرات حقيقية والفرص كثيرة.
إنَّ مساعدة الموظفين على سداد قروضهم الجامعية أو حتى إعادة تمويلها، هو أمرٌ يجعل العديد من الشركات في وضعٍ أفضل من الموظفين أنفسهم، وإذا كنت قلقاً بشأن قيام الموظفين المتعلمين تعليماً عالياً بأخذ الأموال ومواهبهم إلى أماكن أكثر ازدهاراً، فيمكنك دائماً أن تشترط دعمك المالي بترتيبات التوظيف طويلة الأمد.

3. تناول الطعام في المكتب:

بالنظر إلى أنَّ معظمنا يأكل ثلاث مراتٍ كل يوم، فليس من المستغرب أن يشكل الطعام جزءاً كبيراً من ميزانيات الأسرة، ومع ذلك، من المذهل كيف يمكن للمرء أن يُطعم مجموعةً كبيرة من الأشخاص بتكلفةٍ زهيدة؛ لذا ضع في حسبانك أنَّنا لا نتحدث هنا عن المأكولات الفاخرة كالكافيار والكمأ التي تُقدَّم بجانب أوراق الذهب.
فمقابل بضعة دولارات شهرياً، يمكنك الاحتفاظ بفريق عملٍ صغيرٍ تُقدِّم له وجبات من دقيق الشوفان أو الفول السوداني أو الغرانولا، وقد لا تفوز بأيِّ مسابقات طهيٍ على تلك الوجبات، لكنَّ الموظفين ذوي الميزانية المحدودة سيقدِّرون خيار تخطي وجبة غداء معتادةٍ تتراوح قيمتها بين 5 و10 دولارات، والاتجاه إلى الوجبات السابقة التي ترفع من مستوى طاقتهم.

مهما كان اختيارك، من الهام أن تكون على درايةٍ بالاحتياجات الفريدة لمكان عملك ومواكبة أحدث النزعات في مجال الرعاية الصحية.

يعَدُّ كل من التأمين الذاتي، والخطط الهجينة، والطب الإلكتروني، ومبادرات الصحة، وبرامج الإقلاع عن التدخين، خياراتٍ لتقليل التكاليف ومساعدة الموظفين على الإبقاء على أجورٍ صافيةٍ أعلى، وفي المقابل، يمكن لأرباب العمل المساعدة على التغلب على هذه المشقة المستمرة التي أعاقت على نحو متزايد الإنتاجية في مكان العمل، واستنفدت الروح المعنوية، وقللت الراحة بالمجمل، وأثَّرت سلباً في الأرباح.

سيتطلب ذلك بعض العمل، ويجب على أرباب العمل ابتداءً التعرف إلى المشكلة الكامنة ضمن قوَّتهم العاملة، ومن ثم الالتزام بفعل شيء حيالها، حتى لو كان الأمر يتطلب بعض الإبداع، والشيء الرائع في الإبداع هو أنَّه ليس من الضروري أن يكلف شيئاً.

المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى