تحقيق الثراء

4 معتقدات تمنعك من تحقيق الحرية المالية


ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون داريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويحدثنا فيه عن 4 معتقدات مالية ضارة تمنعنا من تحقيق الحرية المالية.

ولكنَّني لست من المعجبين بهذا المصطلح؛ لأنَّه مُستعملٌ بإفراط، ولكنَّ فكرة أنَّنا نملك بعض المعتقدات المدمِّرة عن المال هي صحيحةٌ بالتأكيد، ومن أكثر المعتقدات المدمِّرة وضوحاً هي “المالُ أصل الشُّرور” أو “أنا مبذِّرٌ للمال”، ولكنَّ المال جيِّدٌ إذا استعملته للقيام بشيء جيد، ويمكن للجميع أن يتعلموا كيف ينفقون المال بحكمة.

لكنَّني مررت بتجارب ورأيت أنَّ هناك معتقدات مالية ضارة أعمق من ذلك لمَّا تُكتشف بعد، والخطوة الأولى للتَّخلص منها هي أن تكون مدركاً لذاتك.

إليك 4 معتقدات مالية تمنعك من تحقيق الحرية المالية:

1. “لا يمكنني الشعور بالسَّعادة إلَّا عندما أجني مزيداً من المال”:

كثيرون منَّا في حالة انتظار دائمة للسعادة، ونفترض أنَّنا سنكون سعداء إذا كان لدينا مدخول معيَّن من المال، على الرَّغم من أنَّه لا بأس في محاولة جني مزيدٍ من المال، إلَّا أنَّ الأمر سيشكل مشكلة عندما تبدأ في عيش حاضرك في المستقبل.

أخبرَني أحد أعضاء فريقي عن مدى اهتمام صديقه بتطبيق يوتيوب (YouTube)، وكيف أنَّه يتحدث عن إنشاء قناته الخاصة على يوتيوب باستمرار، ولكنَّه لا يرغب في البدء إلَّا عندما يبدأ في جني المزيد من المال من وظيفته الحالية؛ من أجل أن تكون الأمور أكثر ضماناً.

هل وجدت نفسك تقول يوماً: “سأفعل هذا الشيء عندما أملك المزيد من المال”؟ هذا هو عيش الحاضر في المستقبل، وعندما تعيش حاضرك في المستقبل ستكون منتظراً دائماً اللحظة المناسبة لبدء عيش حياتك، وستعيش في هذه المساحة الفارغة الموجودة بين الأهداف، وهو ليس مكاناً جيداً؛ لأنَّك ستشعر بالقلق دائماً.

كما تحدَّث الفيلسوف الروماني لوكيوس أنّايوس سينيكا (Lucius Annaeus Seneca) عن هذا الأمر في كتابه الحياة قصيرة (On the Shortness of Life): “من المحتَّم أن تكون الحياة قصيرة وبائسة جداً لأولئك الذين يحصلون على الأشياء بجهد كبير ويحتفظون بها بجهد أكبر؛ إنَّهم ينالون ما يريدونه بشقِّ الأنفس ويمتلكون ما نالوه بقلقٍ، وفي غضون ذلك لا يأخذون في حسبانهم الوقت الذي لن يعود أبداً، ولا يبحثون عن نهايةٍ لبؤسهم؛ ولكنَّهم ببساطة يغيِّرون سبب هذا البؤس”.

إليكَ سراً صغيراً: “يمكنك أن تكون سعيداً الآن، حتى لو لم تملك مليون دولار في البنك”.

شاهد بالفيديو: كيف يمكن الوصول إلى الحرية المالية؟

 

2. “أنت بحاجة إلى عمل تجاري لتحقيق الحرية المالية”:

بعض الناس يرغبون في التقاعد في سن معينة، وكذلك يحبُّ غيرهم أن يتقاعدوا في سن الأربعين لسبب ما، ولكن إذا كنت ترغب في التقاعد بحلول سن الأربعين وترغب في إنفاق 4 آلاف دولار شهرياً، فأنت بحاجة إلى الاحتفاظ ب2.5 مليون دولار على الأقل في مدخرات التقاعد الخاصة بك، هذا عندما لا يكون لديك دخل إضافي؛ ولذلك فإنَّ الرقم كبير.

حتَّى ولو كان لديك دخل إضافي فما تزال بحاجة إلى تكوين ثروة كبيرة للتقاعد؛ لهذا السبب يدعم العديد من المتحدثين التحفيزيين أصحاب الأعمال؛ لأنَّ عدداً قليلاً جداً من الناس يمكن أن يصبحوا من أصحاب الملايين من مجرد كونهم موظفين.

ولكن في حين أنَّه من الرائع أن يكون لديك عمل مربح، فأنت لست بحاجة إلى أن تكون رائد أعمال بدوام كامل فالحرية المالية تتعلق بوجود الخيارات الأخرى.

على سبيل المثال؛ أنا أملك حرية مالية من وجود العديد من مصادر الدخل الأخرى، مثل:

  1. مبيعات من دوراتي عبر الإنترنت.
  2. مبالغ مالية مقابل حقوق نشر الكتب الخاصة بي.
  3. أرباح من التسويق بالعمولة.
  4. أملك بعض العقارات المؤجَّرة.
  5. أخيراً، لدي بعض الأموال التي أستثمرها في البورصة.

هناك المزيد من الطرق لتحقيق أهدافك المتعلقة بالمال؛ لذلك لا تدع أحداً يخبرك أنَّه لا يوجد إلَّا طريقة واحدة فقط للقيام بالأشياء.

3. “المال أكثر أهمية من وقتي”:

قد يكون القول المأثور: “إنَّ البخل مكلفٌ”، مبتذل بعض الشيء ولكنَّه صحيح؛ فكل ما نقوم به له تكلفة فرصة بديلة.

سوف أخبرك قصة عن صديقٍ لي ذهب إلى متجر للسيارات لشراء سيارة مستعملة وقد كان من المفترض أن تكون أرخص بـ500 دولار؛ لقد أمضى اليوم بأكمله يتحقق من السيارة ليتأكد من أنها خالية من الأعطال وتعمل على نحوٍ جيد، ثمَّ استغرق يوماً آخر كاملاً لاستلامها.

بعد أسبوع أو نحو ذلك بدأت تُظهِر السيارة بعض الأعطال، وكان على صديقي قضاء عدة ساعات في التفاوض مع التاجر الذي اشترى منه السيارة لإصلاح سيارته مجاناً، وبعد شهرين تعطل فيها شيء آخر، ولم يرغب التاجر في أن يكون له علاقة بالأمر وقد قال له: “لا يوجد تأمين للسيارة”؛ أي باختصار قد أنفق صديقي آلاف الدولارات لتوفير بضع مئات فقط، وقد أضاع كثيراً من الوقت.

جميعنا يمكننا جني المزيد من المال، ولكنَّ الوقت محدود للغاية، وقد أوضح “سينيكا” هذه المعضلة عندما قال: “إنَّك تتصرف مثل الفانين بالنسبة لكل ما تخافه، ومثل الخالدين بالنسبة لكل ما ترغب به”.

تفضيل الوقت على المال أمر صعب؛ لأنَّ الأمر راسخٌ في سلوكنا، حتَّى أنا أميل أحياناً إلى اتخاذ الخيارات الأرخص لمجرد أنَّها أرخص، ولكنَّ هذه العقلية ضارَّة جداً؛ ولهذا السبب لا أوصي بوضع أيَّ ميزانيَّةٍ إلَّا إذا كانت مؤقتة.

علينا أن نفكر في المال على أنَّه وسيلة وليس غاية؛ لا بأس في إنفاق الأموال لجعل حياتنا أكثر راحة ومتعة، ولكن خلاف ذلك ما الهدف من جني المزيد من المال؟

كلُّ ما يهم هو عدم إنفاق أموال كثيرة لحل مشكلاتك بدلاً من القيام بشيء لتحسين الأمور فعلاً، حيث أنَّ هذا الأمر شائعٌ عندما نكون مجهدين أو غير راضين، وبدلاً من ذلك حاول أن تكون مدركاً لذاتك وابحث عن السبب الجذري لهذه المشكلات، فهذه طريقة أفضل لقضاء وقتك.

4. “لا ينمو المال على الأشجار”:

هذا صحيح وخاطئ في الوقت نفسه؛ فالمشكلة في هذه الجملة أنَّها تضعنا في عقلية الندرة، ولكن لا يتعلق تكوين ثروة مستدامة بالتشبُّث بمبلغ قليل من المال الذي تجنيه؛ بل يتعلق بخلق القيمة.

كما قال زيج زيجلار (Zig Ziglar) مؤلف كتاب “أراك على القمة – See You at the Top”: “ستحصل على كل ما تريده في الحياة إذا ساعدت عدداً كافياً من الأشخاص الآخرين في الحصول على ما يريدونه”، الحقيقة هي أنَّه يمكنك جني المال من لا شيء، طالما لديك المهارات اللازمة لتقديم قيمة معينة سيدفع الآخرون مقابلها.

عندما بدأت مدوَّنتي في عام 2015 كنتُ عائداً لتوي إلى هولندا (Holland) بعد أن تركت وظيفتي في لندن (London)، واضطررت إلى العودة للعيش مع والدي لخفض نفقاتي، وقد كان هدفي في ذلك الوقت هو أن أصبح قادراً على الاستمرار من خلال إنشاء عمل تجاري مربح عبر الإنترنت، واستغرق الأمر مني عامين لبدء تحقيق أرباح جيدة من كتاباتي، وفي النهاية بدأت في جني ما يكفي من المال لشراء منزل.

ما زلت أتذكَّر ما قاله لي صديقي عندما رأى التقدُّم الذي أحرزته: “هذا رائع جداً، لقد استطعت كسب المال من العالم الرقمي، أظنُّ أنَّ هذه هي روعة بناء عمل تجاري رقمي مربح، فأنت تخلق قيمة في العالم الرقمي وينتقل هذا الأمر إلى العالم الحقيقي في النهاية”.

في الختام:

من السهل الوقوع في نمط معين من التفكير؛ ولهذا السبب أراقب أفكاري وسلوكي باستمرار.

منذ بضعة أيام كان يدور في ذهني بعضٌ من الأفكار، وكانت إحداها هي كم استمتعت بإقامتي في كوراساو (Curaçao) منذ فترة من الزمن؟ وقد أدى ذلك إلى بعض الأفكار الأخرى مثل: “يجب أن أجني المزيد من المال حتى أتمكن من السفر أكثر”، و “ما الذي يجب أن أفعله لأجني المزيد من المال؟” لكنَّني مارست تأمل اليقظة الذهنية منذ سنوات، لذا يمكنني ملاحظة تلك الأفكار دون التصرف بناءً عليها.

إنَّ الهدف من الحرية المالية، مثل العديد من الأشياء الأخرى هو التوازن، ولا يتعلق الأمر بجني المزيد من المال، فنحن لا نريد أن نكون بخيلين أو مُبذِّرين؛ بل يمكننا أن نكون طموحين ونتمكن من النمو، ولكن في الوقت نفسه لا نريد الإفراط في إنفاق المال والعيش بما يتجاوز إمكانياتنا.

المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى