استراتيجيات التسويق

صناعة الاسم والمحيط الأزرق (Brand equity)


في هذا السياق يؤكد الكاتب زياد ريس أنَّه ومنذ خمسة وعشرين عاماً مع نهاية التِّسعينيَّات كنَّا نعمل على إطلاق اسم تجاري بالسُّوق تحت اسم “غولدن فيلدز” لمجموعة مُنْتَجَات غذائيَّة، ومنها حليب بودرة تحت نفس الاسم، ونعمل على تسويقه في عدَّة دُوَل بالخليج والشَّرق الأوسط، وكان هناك بالسُّوق أسماء وماركات كثيرة تجاوز عددها 28 ماركة، وأولها كان “نيدو ” لشركة نسله السويسريَّة، ولها الحِصَّة الأكبر بالسُّوق، وكان سعر الكرتون 280 ريالاً، وكان هناك 2-3 ماركات تجاريَّة أخرى أقل درجة مثل انكور ولونا وسعرها تقريباً 260 ريالاً للكرتون، ولها الحصَّة الثانية بالسوق، وأما نحن “غولدن فيلدز ” فكنا نتنافس مع 25 ماركة تجارية أخرى بالسوق، وكان السعر للكرتون لهؤلاء جميعاً يتراوح بين 210-215 ريالاً للكرتون.

رغم أنَّنا اكتشفنا لاحقاً أنَّ مصادر البودرة للحليب المعبَّأ واحدة، والنَّوعيَّة والجَوْدَة للحليب نفسها، ولكن ثمة قيمة للاسم والثِّقة به، واستمرار تعزيز موقعه ليكون في الرِّيادة هو الذي أعطى له هذا الفرق الكبير بالقيمة، وأبقى الآخرين بموقع التنافس الشديد؛ بحيث مع أيِّ طارئ أو حدث أو اختلاف في قيمة المواد الأوليَّة أو بقيمة الخدمات المساندة توقع صاحب الاسم بخسائر كبيرة قد تُؤدي به إلى الخروج من السُّوق.

شاهد بالفيديو: ما هي مراحل عملية التسويق؟

 

لذلك من الهام أن يعمل الإنسان على إنشاء مكانٍ له في كلِّ المُخرَجَات التي يعمل عليها، بِصرف النَّظر عن نوعيَّة المُنْتَج أو القطاع الذي يعمل به؛ بأن يكون خارج المُنافَسَة، وفي المحيط الأزرق، وتكون الدِّراسة للمُنْتَج من البداية ليكون رقم واحد بالسُّوق وخارج إطار التَّنَافس؛ مهما كانت المُعطيات جاذبة ومُتغيِّرة من البداية.

في عالَم التسويق عُرِفَ بما يُسمَّى “positioning”؛ حيث تكون متلازمة مع صناعة رفع قيمة الأصول للاسم ‏”Brand  equity”؛ ويحضرني هنا مثال آخر في تلك الفترة عن مُنْتَج فرنسي لألبسة كانت تُصَنَّع في مصر تحت ماركة فرنسيَّة مشهورة في ذلك الوقت، وبحكم معرفتي بإدارة المصنع حيث علمت بأنَّ سِعْر المُنْتَج على الشَّركة صاحبة الاسم لا يتجاوز 10-15% من قيمته السُّوقيَّة، ولكنَّ قيمة الأصول للاسم وثقة الجمهور به، وعوامل كثيرة أخرى هي التي تُعطِي القيمَة له.

الجميع يعلم بأنَّ الهدايا المُتبَادَلة معظمها يُقَدَّر بما تحمله من اسم وعلامة تجاريَّة، وليس ما يَحْمله المُنْتَج نَفْسه من قيمة حقيقيَّة.

هذا المفهوم يُطبَّق على الصَّعيد الشَّخصي بأن يَضع الإنسان لنفسه مكاناً في منظومة القِيَم والاحترام بين المجتمع الذي هو فيه، ويُعامل الآخرين بها وليس من خلال ما يُمْليه الآخرون عليه أو برَدود فِعْل متساوية تُخْرِجُه من دائرة القِيَم التي وضَعها لنفسه، وهذا لا يُعْطي شهادةً للآخرين هبوطاً أو ارتفاعاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى