استراتيجيات التسويق

ما هو التسويق المستدام؟ وما هي أهميته في الأعمال؟


الاستدامة تمثل صفة العصر الحالي وسمته الرئيسة التي تؤكد بشكل دائم على ضرورة المحافظة على الموارد الطبيعية وعدم القيام بأعمال من شأنها إلحاق الأضرار بالبيئة، إضافة إلى ضرورة الأخذ بالمسؤولية الاجتماعية من أجل ضمان تطور المجتمع والوصول إلى الرفاهية الاجتماعية.

التسويق المستدام هو توجه حديث تستخدمه المنظمات على اختلاف النشاطات التي تمارسها، وتعتمد عليه فهو بمنزلة النور الذي تستهدي به من أجل الوصول إلى أهدافها والمحافظة على علاقة جيدة دائمة مع الزبون التي بدورها تضمن تحقيق الأرباح، ومن ثم نجاح المنظمة في المحافظة على مكانتها في المجتمع.

ما هو التسويق المستدام؟

التسويق عموماً هو الوظيفة التي تحدد حاجات المستهلكين وأهدافهم الحالية والمستقبلية، ويسعى إلى إيجاد الطرائق المربحة الكفيلة بإشباع تلك الحاجات وبطريقة تنافسية، فالتسويق يهتم بعملية المبادلة التي تتم بين المنظمة والزبون والتي تهدف المنظمة من ورائها إلى تحقيق أهدافها والمتمثلة بجني الأرباح واكتساب زبائن جدد.

التسويق المستدام في عالم الأعمال هو مدخل ينادي بالالتزام بالممارسات المسؤولة بيئياً واجتماعياً وتلبية حاجات الزبائن من خلالها بالشكل الذي يضمن ويعزز قدرة الأجيال الحالية والمستقبلية على تلبية حاجاتها.

التسويق المستدام مفهوم حديث في مجال التسويق يدعو إلى قيام المنظمات باحترام البيئة وصيانتها، وذلك من خلال تحقيق التوازن بين هدفها في تحقيق الربح وبين المسؤولية الاجتماعية التي تقع على عاتقها وبين واجبها تجاه البيئة التي توجد فيها وضرورة الحفاظ عليها.

يعرف التسويق المستدام بأنَّه الاستخدام الأمثل للموارد التي تمتلكها المنظمة من أجل تقديم منتجات ذات قيمة عالية للزبائن والأطراف ذات العلاقة، مع مراعاة القضايا البيئية والاجتماعية.

إقرأ أيضاً: مفهوم التسويق الفيروسي (Viral Marketing): ميزاته وعيوبه

من التعريفات الأخرى التي توضح معنى التسويق المستدام:

  1. (Donald fuller): التسويق المستدام هو فلسفة تسويقية هدفها تقديم منتجات مسؤولة بيئياً من خلال تحسين معدلات الأمان في المنتجات وإعادة استخدام المخلفات وتحسين أنظمة الرقابة على التلوث وتطوير استغلال الطاقة واستخدام هذا المدخل لتدعيم مزاياها التنافسية، ومن ثم زيادة مبيعاتها وأرباحها.
  2. (Parson & Dalrymple): التسويق المستدام هو الإبداع والابتكار في أسلوب التسيير الإداري الهادف إلى تحقيق الموازنة والتكامل بين حاجات المنظمة والزبائن ومتطلبات البيئة وهدف الربحية.

الأسباب التي ساهمت في ظهور التسويق المستدام:

  1. عمل المنظمات المختلفة على تلبية رغبات المستهلكين أدى إلى قيامها بسلوكات ونشاطات تضر بالبيئة ومواردها وبالمجتمع كذلك.
  2. عدم التزام المنظمات بمفهوم المصلحة العامة في نشاطاتها؛ إذ تعمل على تلبية حاجات ورغبات فئات من المجتمع على حساب فئات أخرى فيه.
  3. طمع المنظمات ورغبتها في زيادة أرباحها، وهذا أدى إلى قيامها بالاستغلال الجائر للمصادر الطبيعية التي تستخدمها في نشاطاتها.
  4. تنبيه المستهلكين إلى أهمية البيئة وسعيهم إلى اختيار المنتجات الصديقة للبيئة.
  5. الاتجاهات البيئية الحديثة التي تنادي بضرورة جعل البيئة مكاناً آمناً للعيش للأجيال الحالية والمستقبلية.
  6. محدودية الموارد الطبيعية.
  7. بحث المنظمات عن النجاح وتحقيق الميزة التنافسية التي تجعلها تتفوق على سواها من المنظمات.

شاهد بالفيديو: 5 مهارات مهمة بالتسويق الرقمي

 

أبعاد التسويق المستدام:

توجد ثلاثة أبعاد أساسية تشكل محور اهتمام التسويق المستدام، وهذه الأبعاد الثلاثة مجتمعة تقدم خدمة لحاضر ومستقبل الإنسانية، وهي كالآتي:

1. البعد الاجتماعي:

يتضمن البعد الاجتماعي بصفته بعداً من أبعاد التسويق المستدام ضرورة احترام حقوق الإنسان عموماً وحقوق الطفل والمرأة خاصة، وكذلك احترام عناصر البيئة، كما يجب على الفرد تقديم ما يلزم من الدعم المباشر وغير المباشر للمنظمات العاملة في مجال الحفاظ على الحقوق، فالتسويق المستدام يهدف من خلال تحمل المسؤولية الاجتماعية إلى تحقيق الرفاهية الاجتماعية لكافة فئات المجتمع.

2. البعد البيئي:

البعد البيئي أو ما يسمى بالتسويق الأخضر الذي يعنى بالحد ووقف الإساءة للبيئة والإضرار بها خلال دورة حياة المنتج، بداية من الإنتاج وانتهاء بتأثير المنتج في البيئة بعد طرحه للاستهلاك، وتشجيع المنتجات التي يمكن إعادة تدويرها واستخدامها.

3. البعد الاقتصادي:

لا شك في أنَّ تحقيق الربح هو الهدف الأول لأيَّة منظمة من منظمات الأعمال؛ لذا فالتسويق المستدام يعمل على تشجيع العمل الذي يستمر لفترة طويلة ويوفر الربح المناسب بحيث يجب على المنظمة تبنِّي قيم التسويق المستدام وجعله ضمن عمل المنظمة لتحقيق أهداف التسويق المستدام.

عناصر المزيج التسويقي المستدام:

1. المنتج المستدام:

المنتج المستدام هو المنتج المصمم وفقاً للمعايير البيئية التي تؤكد على التقليل من استنزاف وهدر الموارد الطبيعية وحماية البيئة مع الاحتفاظ بخصائص المنتج الأساسية.

المنتج الأخضر لا يسبب أي خطر على صحة المستهلك ولا على أي من الكائنات الحية الأخرى، فهو منتج لا يحمل تأثيرات بيئية سلبية، فالمنتج الأخضر أو المستدام يركز على:

  • تصميم السلعة دون أن ينتج عنها نفايات أو بأقل قدر ممكن من النفايات.
  • استخدام المواد الصديقة للبيئة.
  • التقليل من استخدام المواد الأولية.
  • التقليل من استخدام موارد الطاقة غير المتجددة.
  • التدوير والتقليل من مخلفات الإنتاج.

2. الترويج المستدام:

تحتاج المنتجات المستدامة الجديدة إلى التعريف بها عند دخولها الأسواق؛ إذ تبذل المنظمات جهوداً مكثفة للتعريف بمنتجاتها وإقناع المستهلك بشرائها، وهذا لا يتم إلا من خلال الاعتماد على الترويج المستدام، فالترويج المستدام هو الاتصالات المكثفة وقنوات التواصل المباشرة أو غير المباشرة التي تقوم بها المنظمة مع الزبائن (الحاليين والمتوقعين في المستقبل) من أجل تعريفهم بالمنتج ومحاولة إقناعهم باقتنائه.

تعتمد المنظمة على مجموعة من المكونات في عمليات الترويج منها الإعلان الأخضر؛ وهو عبارة عن الوسيلة التي تتبناها المنظمة المستدامة لتعلن عن فلسفتها وتنقلها إلى جمهورها المستفيدين من المنتجات والخدمات التي تقدمها للمجتمع الذي توجد فيه عموماً، ويركز الإعلان الأخضر على الترويج للنشاطات والمنتجات الصديقة للبيئة، إضافة إلى التركيز على المسؤولية الجماعية في حماية البيئة وحفظ حقوق المستهلك.

شاهد بالفيديو: أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في التسويق

 

3. البيع الشخصي:

البيع الشخصي هو اتصال شخصي يهدف إلى التعريف بالسلع والمنتجات والخدمات وإقناع المستهلك بالشراء، ويجب على مدير المبيعات أو الشخص الذي يقوم بالبيع أن يكون ملماً بمجموعة من المعلومات البيئية مثل المنافع البيئية التي يحققها المنتج وكيف يتوافق مع البيئة.

4. التوزيع المستدام:

يقوم على مبدأ أساسي وهو أنَّ أي منتج جديد معلن عنه سعره جذاب قد لا يعني أي شيء للمستهلك إن لم يكن متاحاً له عندما يريده في الوقت والمكان المناسبين.

يعتمد التوزيع المستدام على نظام التوزيع ذي الاتجاهين (المنفذ الارتجاعي)، فهذا النظام الذي يقوم على تقوية الصلات مع المنتجين والمستهلكين، ومن ثم تحقيق الربح لكل من تجار الجملة وتجار التجزئة.

تتميز قنوات التوزيع المستدام أو القنوات الخضراء بإمكانية استرجاع مخلفات المنتجات المستخدمة وإعادة تدويرها، ويركز التوزيع المستدام على:

  • التقليل من استخدام وسائل النقل في عمليات التوزيع من أجل التقليل من آثارها السلبية في البيئة.
  • تقليل عمليات النقل وعمليات المبادلة، ومن ثم حماية المنتجات من التلف.
  • التعاقد مع الوسطاء والناقلين من أجل جمع المواد القابلة للتدوير.

أهمية التسويق المستدام في منظمات الأعمال:

  1. التسويق المستدام يساعد على تحقيق الربح مع الأخذ في الحسبان موضوع الحفاظ على البيئة.
  2. التسويق المستدام يعمل على تحفيز المنظمة على تطوير مزيجها التسويقي بحيث تصبح متماشية مع العوامل البيئية.
  3. التسويق المستدام يؤكد على توفير المنتجات الآمنة من أجل الحفاظ على الزبون والبيئة.
  4. التسويق المستدام يساهم في تحسين سمعة المنظمة من خلال مراعاته للعوامل البيئية والاجتماعية، ومن ثمَّ تحقيق الانسجام بين أهدافها وأهداف المجتمع، وهذا يساعدها على توطيد علاقاتها مع عملائها واكتسابها شعبية كبيرة.
  5. التسويق المستدام يساعد المنظمة على ديمومة نشاطاتها، فحصولها على التأييد الاجتماعي وتجنبها للمشكلات القانونية يضمن لها الاستمرار.
  6. يساهم التسويق المستدام في خفض التكاليف والتقليل من المساءلة القانونية نتيجة التزام المنظمة بالدور الاجتماعي لها.
  7. التسويق المستدام يركز على الاستهلاك الواعي والمسؤول من خلال التقليل من استخدام المواد الأولية وموارد الطاقة التي يمكن أن تنضب مع كثرة استخدامها.
  8. يعمل التسويق المستدام على تحقيق الأرباح المشروعة من خلال التحكم بالمشكلات البيئية وعدم السماح بالتضحية بحقوق المستهلك.
  9. يساهم التسويق المستدام في حماية حقوق المستهلك والمجتمع من خلال الحرص على تعريف المستهلك بمواصفات السلعة وإيجابياتها وسلبياتها، وذلك عبر وضع الملصق على السلعة، إضافة إلى إتاحة الفرصة للمستهلك للتعبير عن رأيه والمشكلات التي تواجهه خلال استخدام السلعة أو المنتج.
  10. يساهم التسويق المستدام في تجنيب المنظمة المنافسة التقليدية من خلال فتح آفاق جديدة وفرص سوقية مغرية، ومن ثم زيادة تنافسية من خلال منتجات صديقة للبيئة.

في الختام:

تهدف المنظمات إلى تحقيق الربح وتوسيع حصتها السوقية، لذلك فقد غيرت طرائقها التقليدية التي كانت تعتمدها في نشاطاتها التسويقية وانتقلت إلى تبنِّي مفهوم جديد وفلسفة تسويقية جديدة، وهي التسويق المستدام الذي يحقق في مضمونه المنفعة العامة للمجتمع على الأمد الطويل، كما يحقق إشباعاً لحاجات الأفراد وإرضاء للمالكين في نفس الوقت، فالمنظمات في الوقت الحالي تجد في النشاطات التي تتجه نحو تحمل المسؤولية الاجتماعية وحماية البيئة فرصة تستطيع من خلالها تحقيق الميزة التنافسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى