استراتيجيات التسويق

دور إدماج الموظفين في الحصول على خدمة عملاء رائعة


ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدير العام “رون توماس” (Ron Thomas)، يُحدِّثنا فيه عن تجربته في التأثير الإيجابي للإدماج في خدمة العملاء.

عندما تولِّيت مهمتي الخارجية الأولى كرئيسٍ لقسم الموارد البشرية، أخبرني أحد كبار المديرين التنفيذيين: “هل تدرك التغيير الذي لاحظناه جميعاً في قسم الموارد البشرية؟ إنَّه صوت الضحك”.

عندما يدخل أحدهم إلى القسم الآن، تجد الجميع يبتسمون ويضحكون ويمزحون مع بعضهم بعضاً، وقد كان المرء يكره المجيء إلى هنا سابقاً، أمَّا الآن فالأمر أشبه بفترةٍ من الراحة ضمن بيئةٍ ودية، وخاصةً مع كل تلك الابتسامات.

الضحك عاملٌ أساسيٌّ دوماً:

أحب أن أضحك، وأحب الصداقة الحميمة التي تُبنى على العمل مع مجموعةٍ موهوبةٍ من الموظفين الذين يهتمون دوماً بأن يبذلوا قصارى جهدهم، وأن يستمتعوا في نفس الوقت، لكنَّني أيضاً دخلت إلى المنظمات – وأحياناً حتى إلى الأقسام – التي تشبه المشرحة بكآبتها.

ألاحظ في وقتٍ ما أنَّ الموظفين يذهبون إلى العمل وتعلو وجوههم نظرةٌ تشبه إلى حدٍّ بعيد تلك التي تعلو وجه مَن فقد عزيزاً، وفي مرحلةٍ ما، يوجد شيءٌ يحدث أو أنَّ شيئاً ما يكون ناقصاً، لكن بعد ذلك، عندما أُجري محادثةً ويتمحور الحديث حول مدى كره الموظف لما يفعله، يبدو الأمر كما لو أنَّه كان بحاجةٍ إلى صوت الكمان من ورائه في أثناء إلقائه تلك الأحاديث الحزينة.

لقد تحدثت إلى ابن عمي في عطلة نهاية الأسبوع الماضية، وتحدثنا عن مقدار المتعة التي حظينا بها معاً كعائلة، ومدى الضحك الذي تغلغل في المنزل؛ إذ كان آباؤنا وجميع الأطفال يجلسون عادةً ويضحكون.

عندما كبرت، أجريت محادثةً مع بنات أخي وأخبرتهن أنَّ الضحك أساسيٌّ دوماً، وأنَّه عند مقابلة شخص ما، يجب على المرء أن يختلق الضحك دوماً عندما يزور منزله؛ إذ قلت لهنَّ إنَّ عليكنَّ أن تسألن أنفسكنَّ عن ماهية الآليات المتَّبعة داخل منزلهم، بين والديهم وإخوتهم، وإذا شعرتنَّ بأنَّ المنزل كئيب كما لو كان مشرحةً، فغادرن وابتعدن بسرعة.

قد لا يكون هذا تقييماً علمياً، لكنَّه كان دائماً دليلاً موجهاً بالنسبة إليَّ، ولقد عملنا جميعاً في مؤسساتٍ؛ إذ كان يوجد قسمٌ واحدٌ يبدو أنَّه يتمتع بمزيدٍ من المرح؛ وذلك لأنَّهم كانوا يستمتعون بوقتهم، ولقد استمتعوا جميعاً مع أعضاء فريقهم وكانوا يعرفون بعضهم بعضاً خارج العمل، فكان مجرد شعورٍ جيدٍ يحيط بالجميع.

أهمية الشخصية:

شاهدت فيلماً وثائقياً قبل أيامٍ بعنوان “فندق في الغيوم” (Hotel in the Clouds). كانت مهمة سلسلة الفنادق “شانغرا لا” (Shangra La) أن تكون أحد أفضل فنادق “الخمس نجوم” في “لندن”، وعندما انتقلت سلسلة الفنادق إلى مدينة لندن، وظَّفت السكان المحليين من الحي؛ أي الأشخاص الذين لم تكن لديهم في العادة خبرةٌ بالعمل في الفنادق.

كان شعارهم بسيطاً؛ إنَّهم يوظفون للشخصية وليس للخبرة، فقد كانوا يرون أنَّه يمكن تعليم المهارات لكن من غير الممكن تعليم الشخصية، ومع استمرار هذا الفيلم الوثائقي القصير، سلطوا الضوء على إحدى الموظفات التي كانت تُدعى “أنجيلا” (Angela)، فقد عملت في مطعم بيتزا وكانت لديها خبرةٌ بتقديم العشاء، لكن ليست بالمستوى الذي يؤهلها للعمل في خدمة الفنادق.

كان شعارها، وأحد أسباب حصولها على وظيفتها، هو أنَّها “أحبَّت أن تجعل الناس سعداء”، وأنَّها “أحبَّت مساعدة الناس”، وكانت شخصيتها أخَّاذةً جداً لدرجة أنَّ أحد الأزواج الذين خدمتهم في إحدى المرات استمعا لقصتها عن عدم نجاحها في أيٍّ من الفنادق، لقد كانا مأخوذين بكلامها لدرجة أنَّهما قررا على عاتقهما معاملتها على أنَّها “خبيرة” في نفس الفندق.

وفي أحد المشاهد، جاء فيه طاهٍ حاصلٌ على “تصنيف ميشلين” (Michelin-rated) لتذوُّق الطعام، وبالنهاية كان متحمساً جداً بشأن هذه المتدربة وكيف أثر فيه حبها لخدمة الناس، لقد كان الطعام رائعاً، لكنَّ هذه النادلة أحدثت فارقاً.

كانت تلك الموظفة تملك الشخصية المناسبة، وتحب التحدث والضحك مع الناس، وهذا ما أحدث فرقاً كبيراً في هذا الفندق، لن يعتقد فريق القيادة أبداً أنَّ هذا الشخص الموجود في أسفل مخطط المؤسسة سيحدث هذا النوع من التأثير.

كان ذلك أسلوباً فريداً للتوظيف، لكن عندما تفكِّر في الأمر، يكون القرار منطقياً تماماً؛ إذ يعتمد هذا العمل على جودة الخدمة، ولا يمكنك بالتأكيد تعيين أشخاصٍ بائسين للتفاعل مع عملائك.

شاهد: 8 قواعد لخدمة عملاء جيدة

 

إدماج الموظفين يعزِّز خدمة العملاء:

تُعَدُّ صناعة الفنادق المنصة المثالية لهذا النوع من التوظيف؛ لأنَّ الأشخاص الذين تتفاعل معهم هم مَن يصنعون الفرق بالنهاية.

لقد أتقن فندق “ريتز كارلتون” (Ritz-Carlton) هذه الزاوية من خدمة العملاء؛ إذ إنَّهم أسسوا دورة قيادةٍ للتعامل مع احتياجات ورغبات ضيوفهم، كما أنَّهم يقدِّمون لك كيفية العثور على المهارات اللازمة لتعزيز إدماج العملاء، وبالنهاية، سيؤثر هذا المستوى العالي من إدماج العملاء بالتأكيد في المحصلة النهائية، فإذا كان إدماج الموظفين يعتمد على التركيز في أساسه، فإنَّ هذا بدوره سيرتبط بإدماج العملاء.

على الرغم من وجود الكثير ممَّا يمكن قوله عن المهارات التقنية، إلا أنَّ الشخصية هي أحد أهم مكونات العمل، خاصةً إذا كان يوجد الكثير من التواصل مع العملاء، فتخيَّل مطعماً يقدِّم طعاماً ممتازاً، لكن مع وجود طاقمٍ من النوادل غير مبالٍ إطلاقاً، ثم تخيَّل وجود مطعمٍ يقدِّم طعاماً متوسطاً، لكنَّك تتلقى كل الترحيب والتأهيل بمجرد دخولك في الباب، الفرق هو أنَّ النوادل والموظفين في المطعم الثاني متفاعلون للغاية، ومن ثمَّ تكون المحصلة النهائية مُرضية!

في هذا النوع من الأعمال، تؤدي الشخصية دوراً كبيراً.

التوازن في التوظيف:

تُعَدُّ الكفاءات مثل الشخصية واللياقة والمهارات والخبرة، عوامل يجب أن تؤدي دوراً في عملية اتخاذ قرار التوظيف، لكن في بعض الظروف، يجب أن يتغير هذا النموذج، ويجب إعطاء وزنٍ أكبر للشخصية المطلوبة للوظيفة، ويجب أن يكون هذا العامل أكثر أهمية.

يمكن أن يسير عملك مثل هذا الفندق؛ ففي أثناء تحضير الجميع لزيارة الشخص ذي التأثير الكبير، كانت النادلة المتواضعة هي التي أثارت إعجابه. نعم، لقد قال إنَّ الطعام كان رائعاً، لكن بعد أن انتهى من الثناء على النادلة.

المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى