استشارات مالية

مخاطر الاستثمار وأنواعها وكيفية التعامل معها


ببساطة يعمل الاستثمار على استغلال موارد موجودة حالياً من أجل تحقيق موارد أعلى في المستقبل؛ فالاستثمار يستند إلى عنصر الوقت في تحقيق أهدافه، ويوظف المال من أجل الحصول على العائد أو الدخل، كما يمكن أن تقول إنَّ الاستثمار هو انتقال الأموال وجذبها من مكان إلى مكان آخر بحثاً عن المنفعة والربح، وهو أيضاً يعني انتقال رؤوس الأموال وأنواع مختلفة من التقنيات الإدارية والفنية لإحداث تطوير اقتصادي واجتماعي وإداري يُسهم في تحقيق المنفعة لكل من المستثمر والبلد المضيف.

لكن قد تتخلل عمليات الاستثمار مخاطر، والتي تعني وجود احتمال الانحراف عن الطريق الذي من المفترض أن يصل بالمستثمر إلى النتيجة المتوقعة، في ظل حالات عدم التأكد التي ترتبط بالعوائد المستقبلية، والتي لا يمكن التنبؤ بها.

قد يتعرض المستثمر لمخاطر مختلفة في الأصول المالية تختلف في نوعها وحدتها وفقاً لنوع الأصل المالي؛ بمعنى وجود اختلاف في العائد عن الاستثمار بين الخطة الموضوعة والعائد المتوقع.

تعريف مخاطر الاستثمار:

تُعرَّف المخاطر في الأدبيات الاقتصادية بأنَّها “درجة التقلب في العائد المتوقع، وبتحديد آخر هو أنَّ المخاطر هي احتمال اختلاف العائد الفعلي للاستثمار قياساً بالعائد المتوقع من ذلك الاستثمار؛ فالأول هو العائد الحقيقي من الاستثمار المتاح في حين يكون الثاني متوقعاً؛ إذ قد يتحقق أو لا وفق درجة المخاطر؛ لذلك ففي الحالات التي تنعدم فيها المخاطر تتساوى فيها العوائد المتوقعة مع العوائد الفعلية، وهي حالات نادرة جداً في الحالات الاقتصادية”.

تصنيفات المخاطر الاستثمارية:

  • مخاطر استراتيجية: وتتنوع أسبابها؛ فتوجد المنافسة وتغير في أذواق المستهلكين وطلباتهم والتغيرات في الصناعة .
  • مخاطر مالية: مثل ارتفاع معدلات الفائدة وانخفاضها، ومخاطر الائتمان، وأسعار الصرف المتقلبة.
  • مخاطر تشغيلية: التغيرات في القوانين والأنظمة والتشريعات القانونية، والتغير في الهيكل الإداري للمؤسسة، وثقافة المنظمة، ومجلس إدارة المؤسسة.
  • مخاطر بيئية: أحداث الطبيعة، والمشكلات التي يمكن أن تنشأ بسبب الموردين.

أنواع المخاطر الاستثمارية:

المخاطر النظامية والمخاطر غير النظامية:

1. المخاطر الاستثمارية النظامية:

هي التي تنشأ من العوامل المؤثرة في النظام الاقتصادي ككل، وتؤثِّر في جميع مؤسسات الدولة وقطاعاتها ولا يمكن تفاديها، لكن يمكن العمل على تعديلها، مثل العوامل الناتجة عن تغير النظام السياسي أو حدوث الحروب أو الكوارث الطبيعية أو وقوع الأحداث الداخلية المفاجئة، كالاضطرابات العامة أو حالات الكساد أو ارتفاع معدلات الفائدة وسوى ذلك، ومن أنواعها مخاطر السيولة والمخاطر الائتمانية.

2. المخاطر الاستثمارية غير النظامية:

هي المخاطر التي ينحصر وجودها في مؤسسة بعينها، وتنفرد بها دون غيرها، وتنشأ عن عوامل خاصة بهذه المؤسسة، ولا تؤثِّر في سواها من المؤسسات الأخرى؛ فهي مستقلة عن العوامل الاقتصادية التي تؤثِّر في الأنشطة الاقتصادية الكلية، ومن أنواع المخاطر ممكنة الحدوث هنا: أخطاء إدارية في المؤسسة، أو حدوث اضطرابات للعمال وتعطُّل الإنتاج، أو ظهور منتجات منافسة لمنتجات الشركة أو المؤسسة، أو التغير في أذواق المستهلكين، أو تعديل التشريعات القائمة في البلد، أو ظهور قوانين جديدة تؤثِّر في آلية عمل الشركة وإنتاجها.

المخاطر المتعلقة بالأسهم:

1. مخاطر السوق:

تشمل المخاطر السوقية التحرك في أسعار الورقة المالية استجابة للأحداث الخارجية التي يصعب التنبؤ بها؛ لذلك لا يستطيع المستثمر فعل شيء لتجنب التقلبات القصيرة الأجل في أسعار الأسهم المصاحبة لتلك الأحداث، وعلى سبيل المثال مخاطر استثمار الأموال في الأجل القصير، فإذا احتاج المستثمر إلى المال المستثمر في لحظة تدهور سوق الأسهم، فسوف يضطر للبيع بخسارة؛ لذا فإنَّ المستثمر هنا سوف يحتاج إلى المزيد من الوقت كي لا يبيع بخسارة.

2. مخاطر الإدارة:

تنجم عن سوء الإدارة في الشركة وتدني قدرتها وكفاءتها أو الأخطاء التي يرتكبها أصحاب القرار، وهذا النوع من المخاطر قد يؤدي بالشركات إلى الإفلاس إن لم تعمل على التدخل في الوقت المناسب وعلاج المشكلات واستغلال الفرص المتاحة، ومن أخطاء الإدارة الشائعة عدم قدرتها على التصرف السريع مع إضرابات العمال المفاجئة، أو خسارة بعض المعدات؛ نتيجة لعدم التأمين عليها وغيرها من الأخطاء الإدارية.

شاهد بالفديو: 8 نصائح لتبدأ استثمارك بنجاح

 

3. مخاطر الصناعة:

تنجم هذه المخاطر عن ظروف خاصة بالصناعة دون سواها، مثل صعوبة تأمين المواد الأولية اللازمة للإنتاج أو وجود خلافات بين العمال أو بين العمال والإدارة تؤثِّر في سير العملية الإنتاجية، ووجود القوانين الصارمة المرتبطة بالرقابة على التلوث، منافسة الصناعة الأجنبية للصناعة المحلية، تغير في تفضيلات المستهلكين، ظهور منتجات مشابهة وبأسعار أقل أو منتجات جديدة أفضل ومنافسة بقوة.

4. مخاطر الأعمال:

هي المخاطر الناجمة عن التقلب في الأداء التشغيلي ومتغيرات بيئة التشغيل التي تتأثر بمجموعة من العوامل من بينها القرارات الإدارية، والظروف الاقتصادية، ودرجة المنافسة، والتغير في حجم الطلب على منتجات المنشأة أو أسعار بيع المنتجات، وتتفاوت درجة وجود هذا النوع من المخاطر باختلاف القطاع الاقتصادي.

5. مخاطر الرفع التشغيلي والمالي:

ترتبط هذه المخاطر بنمط هيكل تكاليف المنشأة؛ إذ ترتفع نسبة الرفع التشغيلي كلما ارتفع الوزن النسبي للتكاليف الثابتة في الهيكل.

6. مخاطر الإفلاس:

ينجم هذا النوع عن وجود عجز لدى المنظمة أو الشركة عن تسديد التزاماتها المالية تجاه الآخرين؛ وذلك نتيجة توسيع نشاطها أو تغير مركزها المالي نتيجة لتنفيذ استثمار ما، الأمر الذي يجعلها تقترب أو تبتعد عن السداد، وتنعكس هذه المخاطر على حاملي الأسهم في هذه الشركات؛ إذ لا يستطيعون الحصول على مستحقاتهم، إلا بعد قيام الشركة بسداد الدائنين واستيفائهم حقوقهم كاملة، كما أنَّه من الممكن عدم استرداد حملة الأسهم لأموالهم بعد التصفية إذا قد لا يبقى ما يكفي لذلك.

شاهد بالفديو: 5 دروس نتعلمها من الإفلاس

 

المخاطر المرتبطة بالسندات:

1. مخاطر مرتبطة بسعر الفائدة:

يرتبط تحديد أسعار الفائدة بتأثير كل من قوى العرض والطلب في الأصول المالية المختلفة، إضافة إلى معدلات التضخم السائدة وبحالة الاقتصاد الموجودة (الكساد أو الانكماش)، فمثلاً ارتفاع معدل الفائدة سوف يشجع أصحاب السندات من المستثمرين على بيع ما لديهم من سندات في السوق، مما يزيد الطلب على هذه الأصول والعكس صحيح.

2. مخاطر التضخم:

ينعكس التضخم على القوة الشرائية للمواطنين؛ إذ تتعرض الأموال لانخفاض في قيمتها الحقيقية بحيث لا يستطيع الحصول على الحاجات نفسها في المستقبل بالأسعار الحالية، فحتى عند ارتفاع قيم الاستثمار سوف تكون هذه القيمة وهمية إذا كانت قيمة الأسعار قد ارتفعت أيضاً.

3. مخاطر استدعاء السند:

تُصدر بعض الشركات السندات مقرونة بشرط الاستدعاء الذي يخولها إعادة شرائها من جديد من حاملها مباشرة عند حلول تاريخ محدد في نشرة الاكتتاب، وغالباً ما تقوم هذه الشركات بهذه الخطوة عندما تنخفض أسعار الفائدة قبل حلول تاريخ استحقاق السندات وإحلالها محل سندات جديدة ذات فائدة أقل، وهنا يتعين على المستثمرين تفحص عقد الإصدار للتأكد من وجود شروط الحماية من الاستدعاء.

4. مخاطر السيولة:

تتضمن إمكانية التصرف في الورقة المالية بسرعة دون تعرُّض سعرها لانخفاض شديد، فمن أكبر مخاطر السندات أنَّها تفتقر إلى خاصية السيولة، ولا سيما إذا كانت من نوع السندات طويلة الأجل؛ فالمستثمر هنا قد يتعرض لمخاطر انخفاض قيمة السند عن قيمته الاسمية التي يصدر بها نتيجة لحدوث التضخم، وتزداد هذه المخاطر كلما طال أجل السند.

5. مخاطر الإطفاء السنوي للسندات:

قد تلحق مخاطر الإطفاء السنوي للسندات الضرر بحاملي السندات عن طريق حرمانها من الأرباح؛ إذ يوفر عقد الإصدار أحياناً للشركة المصدرة له الحق في أن تطفئ سنوياً نسبة محددة من الإصدار، إضافة إلى تحديد الطريقة التي يتم بها الإطفاء؛ لذا يجب على أصحاب السندات دراسة شرط الإطفاء جيداً.

6. مخاطر تاريخ الاستحقاق:

يقصد بها مدة الاستحقاق، فكلما طالت المدة ازدادت حالات عدم التأكد بشأن مستقبل عوائده النقدية.

أساليب التعامل مع المخاطر والتقليل منها:

1. التنويع:

تقوم على تمكين المستثمر من تشكيل توليفة من الأوراق المالية بهدف تقليل المخاطر؛ إذ يمكن تنويع جهات الإصدار بحيث لا تتركز الاستثمارات في ورقة مالية تصدرها شركة واحدة أو تنويع تواريخ الاستحقاق؛ أي تنويع الأوراق بين المدة قصيرة الأجل وطويلة الأجل.

2. المشتقات المالية:

هي عبارة عن أدوات مالية تعتمد قيمتها على قيم متغيرات أخرى أصيلة، وتتضمن:

  • إدارة المخاطر باستخدام حقوق الاختيار: وتتضمن التغطية ضد المخاطر باختيار حق الشراء أو اختيار حق البيع أو الاختيار المزدوج.
  • إدارة المخاطر باستخدام عقود المبادلة: هي اتفاق تبادل مستقبلي للتدفقات النقدية أو أصل معين يمتلكه أحد الأطراف في مقابل الطرف الآخر وفق صيغة محددة مسبقاً.
  • إدارة المحفظة المالية: والتي تعني توزيع السيولة النقدية المخصصة للاستثمار من قبل أحد الأفراد أو الشركات على مجموعة من الأصول والخصوم.

في الختام:

يرتبط الاستثمار بالمخاطر المتوقع حدوثها في المستقبل، والتي يُحدَّد بناءً عليها العائد من ذلك الاستثمار؛ لذا أصبح تحليل المخاطر في عصرنا الراهن أمراً بديهياً يجب الانتباه له ومراعاته أيضاً عند اتخاذ القرار الاستثماري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى