دور تقنيات الواقع المعزز في تعزيز تجربة العملاء
هذا الأمر أدى دوراً كبيراً في تعزيز تجربة العملاء، وذلك على النقيض مما قدمته التكنولوجيا التقليدية التي حصرت مستخدميها في شاشات هواتفهم الذكية، بينما تعمل تقنيات الواقع المعزز على تجربة مثيرة تتلاقى فيها العوالم الافتراضية والمادية، وتفتح بذلك آفاقاً جديدةً للتفاعل والمشاركة.
دور تقنيات الواقع المعزز في تعزيز تجربة العملاء:
تؤدي تقنيات الواقع المعزز دوراً هاماً في تعزيز تجربة العملاء من خلال توفير تجارب تفاعلية ومثيرة للاهتمام، فهذه التقنيات تساعد الشركات على تقديم محتوى متطور ومبتكر يجذب انتباه العملاء، ويجعلهم يشعرون بأنَّهم مشاركون في تجربة فريدة.
نبين فيما يأتي الدور الذي سيؤديه الواقع المعزز لكل من المستهلكين والشركات:
1. التخصيص والمشاركة:
يضع الواقع المعزز (AR) معياراً جديداً للتخصيص والمشاركة في تجربة العملاء، ويقدم من خلال تراكب المعلومات الرقمية على البيئة المادية تجربةً مخصصة تتحدث مباشرةً عن تفضيلات الفرد وسياقاته، ولتبيان ذلك؛ حاول أن تتخيل كيف يمكن للواقع المعزز أن يمنحك تجربة أنماط مختلفة افتراضياً لما تود شراءه وأنت مرتاحٌ في منزلك، فيعزز هذا النمط من المشاركة تجربة التسوق، ويتعدى ذلك أيضاً لتعزيز مشاركة العملاء ورصد ردود أفعالهم.
لم يعد العملاء في تجربة الواقع المعزز مراقبين سلبيين، بل أصبحوا مشاركين نشطين في العلامة التجارية، فهم يستكشفون المنتجات والخدمات بطريقة ديناميكية وتفاعلية لا يمكن أن يضاهيها التسوق التقليدي عبر الإنترنت أو في المتجر الإلكتروني.
2. تصور المنتجات في العالم الحقيقي:
يكمن أحد التطبيقات الأكثر إلحاحاً لتقنية الواقع المعزز في قدرتها على تصور المنتجات في العالم الحقيقي قبل إجراء عملية الشراء، وقد بدأت صناعات مثل البيع بالتجزئة، والعقارات، والتصميم الداخلي بالفعل في تسخير هذه القدرة؛ لتحقيق تأثير ملحوظ، فعلى سبيل المثال، يقدم تجار التجزئة للأثاث تطبيقات الواقع المعزز التي تسمح للعملاء بوضع الأثاث الافتراضي في أماكن معيشتهم الفعلية، وتعديل الحجم واللون والأسلوب، فهم بذلك يزيلون الشك وعدم اليقين المرتبط بالتسوق عبر الإنترنت.
بالمثل، يستخدم وكلاء العقارات الواقع المعزز؛ لتقديم جولات افتراضية في العقارات، وهذا يمكِّن المشترين المحتملين من استكشاف المنازل، وتصور حياتهم في داخلها دون أن تطأها أقدامهم، وهذا يوفر الوقت، ويعزز أيضاً عملية اتخاذ القرار للعملاء.
3. تعزيز التفاعلات مع العلامة التجارية:
يُحدِث الواقع المعزز – إلى جانب التخصيص والتصور – ثورةً في تفاعلات العلامة التجارية؛ وذلك من خلال إنشاء تجارب لا تنسى تعمل على تكوين اتصال عاطفي أعمق مع العملاء، ويمكن للعلامات التجارية باستخدام تقنيات الواقع المعزز تصميم حملات تسويقية فريدة تتجاوز الإعلانات التقليدية، وتقديم تجارب تفاعلية للترفيه والتثقيف والمشاركة.
إنَّ تسويق الواقع المعزز يختلق لحظات مميزة تبقى عالقةً في أذهان العملاء لفترة طويلة بعد التفاعل الأولي، سواء أكان الأمر عبارة عن عملية بحث تعتمد على الواقع المعزز للكشف عن منتج جديد، أم لوحة إعلانية تفاعلية تنبض بالحياة عند عرضها عبر الهاتف الذكي، وهذا لا يعزز الولاء للعلامة التجارية فحسب، بل يشجع الترويج الشفهي أيضاً، فمن المرجح أن يشارك المستخدمون تجارب فريدة وجذابة مع آخرين يشتركون معهم باهتمامات مشابهة.
الواقع المعزز – باختصار – لا يغير الطريقة التي نرى فيها العالم فحسب؛ بل يعيد تشكيل معالم تجربة العملاء، ويقدم عالماً جديداً من إمكانات التخصيص والمشاركة والتفاعل مع العلامة التجارية من خلال مزج الواقع الرقمي مع الواقع المادي بسلاسة مذهلة، وبينما نواصل استكشاف تأثير هذه التكنولوجيا المبتكرة، فمن الواضح أنَّ الواقع المعزز يمتلك القدرة ليس فقط على تعزيز رحلة العميل، ولكن أيضاً على إعادة تعريفها بالكامل ونسف الحدود المفترضة خلف الشاشات.
كيفية دمج الواقع المعزز في استراتيجيات تجربة العملاء:
تكون استراتيجيات تجربة العملاء أكثر كفاءة وجاذبية عندما تدمج تقنية الواقع المعزز فيها. إليك بعض الطرائق التي يمكن استخدامها؛ لدمج الواقع المعزز في استراتيجيات تجربة العملاء:
1. توفير تطبيقات الواقع المعزز:
يمكن إنشاء تطبيقات الجوال التي تستخدم تقنية الواقع المعزز؛ لتحسين تجربة العملاء، على سبيل المثال، يمكن للمتاجر أو المطاعم استخدام تطبيقات الواقع المعزز؛ لتوفير معلومات إضافية عن المنتجات أو القوائم.
2. استخدام الإعلانات التفاعلية:
يمكن للشركات استخدام تقنيات الواقع المعزز؛ لصنع إعلانات تفاعلية توفر تجربةً ممتعةً ومشوقةً للعملاء، على سبيل المثال، يمكن إنشاء إعلانات تفاعلية تسمح للعملاء بتجربة المنتجات قبل شرائها.
3. توفير خدمة عملاء مبتكرة:
يمكن استخدام تقنية الواقع المعزز؛ لتحسين خدمة العملاء، مثل توفير دعم فني بواسطة الواقع المعزز؛ لتوضيح كيفية استخدام المنتجات، أو حل المشكلات التقنية.
4. إنشاء تجارب تفاعلية:
يمكن دمج الواقع المعزز في تجربة العملاء؛ لإنشاء تجارب تفاعلية وممتعة، على سبيل المثال، يمكن لشركة السياحة استخدام تقنية الواقع المعزز؛ لتقديم جولات افتراضية للعملاء.
تستطيع الشركات باستخدام تقنية الواقع المعزز في استراتيجيات تجربة العملاء تحسين تفاعل العملاء مع منتجاتها وخدماتها، وبناء علاقات قوية معهم.
شاهد بالفيديو: التحول الرقمي في التعليم تأثير الرحلات الافتراضية
أهم 5 تجارب رائدة في مجال تجربة الواقع المعزز في مجال خدمة العملاء:
عملت بعض الشركات الرائدة في مختلف القطاعات على تجربة تقنيات الواقع المعزز “AR”، وإسقاطه على تسويق منتجاتها، ورصد النتائج، وأثرها في نجاح خدمة العملاء.
إليك 5 من أهم هذه التجارب:
1. قطاع صناعة الجمال: شركة “سيفورا” وشركة “لوريال”:
نميز هنا تجربتين لشركتين رائدتين في صنع مواد التجميل وهما: “سيفورا” و”لوريال”، فقد استخدم فنان “سيفورا و”لوريال” الافتراضي الواقع المعزز، وهذا سمح للعملاء بتجربة المكياج افتراضياً عبر استخدام أجهزتهم المحمولة؛ للتأكد من النتائج، وأحدثت هذه التجربة الشخصية ثورةً في مجال التجميل؛ لأنَّها سمحت للمستهلكين تجربة مظاهر مختلفة دون قيود مادية.
2. شاشات الواقع المعزز من “Zara”:
قدمت “Zara” شاشات الواقع المعزز في متاجرها، وعرضت أحدث المجموعات التي تنبض نماذجها بالحياة على الهواتف الذكية للعملاء، وأدى هذا الاستخدام المبتكر للواقع المعزز في تجارة الأزياء بالتجزئة إلى إنشاء تجربة تسوق فريدة وجذابة تعمل على سد الفجوة بين الإنترنت والعالم المادي.
3. تجربة تطبيق “Warby Parker” الافتراضية:
يستخدم تطبيق “Warby Parker” الواقع المعزز؛ للسماح للعملاء بتجربة النظارات افتراضياً، وهذا يجعل عملية الاختيار أكثر ملاءمةً وتخصيصاً، فتخيل أنَّك تستطيع أن تجرب ما ترغب من نظارات، وتعاين مدى ملاءمتها لوجهك عبر الصور ثلاثية الأبعاد، وأنت تحتسي القهوة وراء مكتبك، وأدى تطبيق الواقع المعزز هذا إلى تعزيز ثقة العملاء في قرارات الشراء الخاصة بهم، وزيادة التفاعل مع العلامة التجارية.
4. شركة “أمازون”:
استخدمت أمازون” تقنية الواقع المعزز منذ عام 2017؛ لتحسين تجارب التسوق الافتراضية، وتسمح المساعدات مثل “AR View” و”Room Decorator” للعملاء برؤية كيف يمكن أن يبدو المنتج في منازلهم، وثمة أيضاً تطبيقات لمعرفة كيف تبدو الأحذية الرياضية على قدميك، أو إذا كانت الملابس تبدو جميلةً عليك.
5. تطبيق “Wayfinding” من الخطوط الجوية الأمريكية:
تستخدم الخطوط الجوية الأمريكية الواقع المعزز؛ لتحديد الطرق في المطارات، وهذا يساعد الركاب على التنقل في المحطات المعقدة بسهولة، ويمكن للمسافرين من خلال توجيه كاميرا أجهزتهم رؤية الاتجاهات، ومعلومات الرحلة، وهذا يحسن تجربة السفر.
ما هو مستقبل الواقع المعزز في تجربة العملاء؟
إنَّ إمكانية دمج الواقع المعزز في الاستراتيجيات الهادفة لتعزيز تجربة المستخدم ليست مجرد طفرة عابرة، ولكنَّها تحولٌ في ثقافة الشركات بشأن كيفية تفاعلها مع عملائها، وبناء تجربة لا انفصال فيها بين الواقع المادي والافتراضي.
يوجد العديد من التوقعات لمستقبل تجربة العملاء باستخدام تقنية الواقع المعزز، منها:
1. زيادة التفاعلية:
يتوقع أن تزداد درجة التفاعلية بين العملاء والشركات من خلال استخدام تقنية الواقع المعزز، فستتيح هذه التقنية للعملاء تجربة المنتجات والخدمات بطريقة أكثر واقعية وتفاعلية.
2. تحسين تجربة التسوق:
ستتمكن الشركات من تحسين تجربة التسوق عبر الإنترنت، وفي المتاجر الفعلية، وهذا يساعد على زيادة مستوى رضى العملاء، وزيادة معدلات المبيعات.
3. توسيع نطاق الاستخدامات:
يتوقع أن تتوسع استخدامات تقنية الواقع المعزز في مجالات مختلفة، مثل التعليم والتدريب، والرعاية الصحية، والصناعات الثقيلة والبناء.
4. تطوير تقنيات جديدة:
ستستمر الشركات في تطوير تقنيات جديدة في مجال الواقع المعزز، وهذا سيساهم في تحسين تجربة العملاء، وزيادة قدرات الشركات على التفاعل مع العالم من حولها.
إنَّ مستقبل تجربة العملاء باستخدام تقنية الواقع المعزز سيكون مشرقاً ومليئاً بالابتكارات والتطورات التكنولوجية، والتي ستساهم في تحقيق رؤية جديدة للعلاقة بين الشركات وعملائها.
في الختام:
يتمتع الواقع المعزز بالقدرة على تحويل تجارب العملاء إلى رحلة ساحرة، وذلك من خلال تقديم إمكانات التخصيص والمشاركة وتصور المنتجات وكأنَّها في الواقع المادي، ولا يمكن إنكار فوائد إنشاء تجارب تفاعلية غامرة تعمل على تعزيز اتصالات العملاء، وتمييز العلامات التجارية في المشهد التنافسي للأسواق.
يمكننا القول إنَّ الشركات التي تتبنى الواقع المعزز في جهود التحول الرقمي الخاصة بها لن تبقى في طليعة الركب فحسب، بل ستتمكن أيضاً من تحديد الطريقة التي يتفاعل فيها العملاء مع منتجاتهم وخدماتهم في عالم رقمي يقفز قفزات مرعبة في التقنيات التكنولوجية.