كيفية التعامل مع الديون بفعالية
يدركُ معظم الناس في عمر العشرينيات كيفيَّة إنشاء ميزانيَّة، وتنظيم حياتهم الماليَّة إلَّا أنَّهم لا يلتزمون، ويبدأ الأمر بإنفاق مبالغ صغيرة شيئاً فشيئاً في أماكن مختلفة، ثمَّ يجدُ الفرد نفسه غارقاً ببعض الدُّيون، وربَّما يُعدُّ الأمر عاديَّاً في البداية، ولكن مع مرور الوقت سيجد الفرد نفسه في بحرٍ من الدُّيون ويبدأ بالتخبُّط شمالاً ويميناً باحثاً عن منقذ.
ينبغي إدراك أهميَّة إدارة الأموال، ولكن لا تستسلم إن وجدتَ نفسك محاطاً ببعض الدُّيون، فأنت بحاجة لتتعلَّم كيفيَّة التَّعامل مع تلك الدُّيون بفاعليَّة؛ لتتمكَّنَ من التخلُّص منها نهائيَّاً، وتبدأ بادِّخار المال لتكوين ثروةٍ إن أمكن ذلك؛ لأنَّ سداد الدُّيون هو المفتاح للتحكُّم بالأمور الماليَّة، وسنوضِّحُ لك في مقالنا الحالي مجموعةَ نقاطٍ تجعلُ ذلك المفتاح في حوزتك، فتابع القراءة.
ما هي الدُّيون؟
هي عبارة عن أموال مُستحقَّة لطرفٍ مُعيَّن قد يكون شخصاً أو جمعيَّة أو مصرف أو غيره، ويقترِضُ الفرد المال لأغراضٍ مُتعدِّدة، فقد يُساعد الدَّين على تأسيس مشروعٍ يضمن لك مردوداً ماليَّاً يساعدك على تحقيق أهدافك الماليَّة، أو يُستخدَمُ في التَّعليم مثلاً، كما قد يكون الدَّين غير جيَّدٍ، واستُخدِمَ من أجل أمورٍ غير ضروريَّة مثل السَّفر بغرض السِّياحة، أو شراء سلعٍ كماليَّة، أو حضور حفلةٍ ما.
يمكنُ تصنيف الدُّيون إلى ديونٍ مضمونة يقترضُ الشَّخص فيها المال، والضَّمان هو المنزل أو السيَّارة، ففي حال امتنعَ المُقترِض عن السَّداد سيخسر الضَّمان، وديون غير مضمونة، مثل اقتراض المال من شخص تعرفه قد يكون زميلك في العمل أو صديقك، وفي جميع الأحوال قد تتسبَّبُ الدُّيون التي نقترضها لحلِّ أزماتنا بأزماتٍ ماليَّة جديدة وكثير من الضُّغوطات والقلق والتوتُّر.
كم من الدُّيون يمكن للإنسان أن يتحمَّل؟
يمكنُ للإنسان أن يتحمَّلَ كمَّاً معيَّناً من الدُّيون دون أن يتسبَّبَ ذلك بزيادة الأعباء الماليَّة عليه، ويختلف الكمُّ من شخصٍ إلى آخر بحسب عدَّة عوامل أبرزها:
1. الدَّخل:
كلَّما ارتفعَ الدَّخل، أصبحَ الشَّخص أكثر قدرة على تحمُّل الدُّيون، على خلاف الدَّخل المُنخفِض.
2. النَّفقات:
كلما كانت النَّفقات أقل، كان الشَّخص أكثر قدرة على تحمُّل الدِّيون.
3. درجة الائتمان:
هي التي تُحدِّدُ إمكانيَّة الحصول على قروض، والموافقة على تمويلٍ جديد.
شاهد بالفيديو: وداعاً للديون! طريقك للسعادة المالية في 4 خطوات بسيطة
كيف تتعامل مع الدُّيون بفاعليَّة عالية؟
يمكنُك التخلُّص من الدُّيون على اختلاف أنواعها، واختلاف الوضع الماليِّ الفردي لكلٍّ منَّا في وقتٍ قصير، وذلك من خلال اتِّباع النقاط الآتية:
1. إنشاء ميزانيَّة ماليَّة:
يُعدُّ إنشاء ميزانيَّة ماليَّة من أهم الطَّرائق التي تُساعدُ على توفير المال؛ لتتمكَّن من تسديد ديونك، وتتضمَّنُ إعداد ميزانيَّة تُحدِّد المبالغ التي تُنفقها يوميَّاً وشهريَّاً تحديداً مُفصَّلاً؛ لتعرف من خلالها أين يذهب المال، ويمكنك بهذه الطريقة تحديد الأماكن التي يمكن تجنُب الإسراف في الصَّرف عليها؛ لتتمكَّنَ من تقليص النَّفقات وتوفير المال وتسديد الدَّين.
2. تقييم الدُّيون:
خذ ورقةً وقلماً، ودوِّن كلَّ دينٍ مع فوائده، والمدَّة التي يجب تسديده فيها، والقسط الشَّهري الذي يجب دفعه، ومن هم الدائنون أيضاً، وقد تشعر بالقلق عندما تنظر إلى الورقة، ولكن ستصبحُ لديك صورةٌ واضحة وفهمٌ لمقدار الدُّيون والأقساط الشهريَّة التي يجبُ عليك دفعها، والهدفُ من ذلك عدم نسيان أيِّ دينٍ مهما كان صغيراً؛ لتجنُّب تراكم الأقساط الشهريَّة، وزيادة الضَّرائب، ولتحديد أولويَّاتك، فبعض الدُّيون يجب الاستعجال بتسديدها؛ لأنَّ المدَّة قصيرة، ومن الضُّروري تحديث القائمة باستمرار لمراقبة التقدُّم.
3. اكتساب مزيد من المال:
جعلَ الوضع الرَّاهن كثيرين منَّا يسعون إلى الحصول على وظيفةٍ ثانية؛ من أجل زيادة الدخل الشَّهري، فمثلاً إن كنت معلِّماً يمكنك العمل فترة العصر في المراكز والمعاهد التي تُقدِّمُ دوراتٍ تعليميَّة للطلاب، أو يمكنك البحثُ عن عملٍ مناسب لتؤدِّيه مساءً من منزلك، كالوظائف المتوفِّرة عبر الإنترنت، أو الأعمال اليدويَّة وما شابه، فهذا الدَّخلُ الجَّديد قادرٌ على تغيير وضعك الرَّاهن كثيراً.
4. اختيار طريقة مناسبة لتسديد ديونك:
يجبُ أن تبحثَ عن طريقةٍ مناسبة لتسديد الدُّيون، وذلك في حال كنت تُعاني من كثرة الدُّيون والتي يختلف مقدراها ومقدار الفائدة العائدة لها، وتوجد طريقتان لذلك هما:
1.4. طريقة الانهيار الجليدي:
يجبُ أن تُركِّزَ في هذه الطَّريقة على تسديد أكبر دينٍ لك والأعلى فائدة قبل تسديد الدُّيون الأخرى، ولكن مع دفع الحدِّ الأدنى من الدُّيون الأخرى؛ أي أنَّ القسط الأكبر شهريَّاً سيذهب لتسديد الدَّين الأكبر.
2.4. طريقة كرة الثَّلج:
هي بخلاف الطَّريقة السَّابقة، فيُركَّزُ في التَّسديد على الدَّين الأصغر ذي الفائدة الأقل، مع تسديد الحدِّ الأدنى من الدُّيون الأخرى.
الفرق بين طريقة الانهيار الجَّليدي وطريقة كرة الثَّلج: أنَّه في الطَّريقة الأولى عندما يُسدِّدُ الشَّخص أكبر دين له سيشعر براحة ماليَّة كبيرة، وسيتمكَّنُ من التَّفكير والعمل بحريَّةٍ أكبر، ولكن غالباً يستغرقُ تسديد أوَّل دينٍ وقتاً طويلاً، وطوال ذلك الوقت ستكون مديوناً لعدَّة جهاتٍ، وستُعاني من القلق ذاته؛ لذلك ستفقد الحماسة في هذه الطَّريقة، وغالباً لن تتمكَّن من المتابعة، على خلاف طريقة كرة الثَّلج فعندما تُسدِّدُ الدُّيون بدءاً من الأصغر، ستشعر بأنَّ الدَّين الإجمالي ينخفضُ شيئاً فشيئاً، وسيمنحُك ذلك الحافز للاستمرار والشُّعور بالإنجاز، فتتخلَّصُ من توتُّرك بمرور الوقت، وربَّما لن تشعر بصعوبة تسديد الديون كالسَّابق، ولكن تختلفُ شخصيَّاتنا، والدَّخل الشهري لنا، وقدراتنا على الالتزام؛ لذلك فكِّر واختَر المناسب لك.
5. تقليص النَّفقات:
من أهمِّ الطرائق المُساعِدة على تسديد الدُّيون، وتوفير المال للادِّخار، وتحسين الوضع المعيشي، فكما ذكرنا آنفاً تُحدِّدُ الميزانيَّة الأماكن التي يمكن تقليص النَّفقات فيها، فمثلاً تجنَّب التسوُّق العشوائي، وجهِّز قائمة بالمشتريات في المنزل، وحدِّد موعداً أسبوعيَّاً للذَّهاب إلى السُّوق، وشراء الاحتياجات الموجودة في القائمة فقط، ولا تشترِ أشياء لا تحتاجها، أو كميَّات كبيرة من الطَّعام، فإن كنت مُعتاداً على شراء الخضار والفاكهة بكميَّات كبيرة، ثمَّ رمي الفائض في كلِّ مرَّة، عليك تغيير ذلك الآن وشراء الكميَّة التي تحتاجها فقط، وينطبق الأمر ذاته على مختلف احتياجات المنزل، ويجب أن تعتادَ على إعداد بعض الوجبات في المنزل، وستندهش من مقدار الأموال التي ستوفِّرها بمرور الوقت.
6. العيش بأقل من الإمكانات:
قد تحاول تقليص النَّفقات، ولكنَّك قد تُنفق مبلغاً أكبر من المسموح به؛ لذلك يجب أن تعيشَ بأقلِّ من الإمكانات المتاحة لديك، وقد يكون الأمر صعباً في البداية، ولكن ستشعر بمرور الوقت بأهميَّة هذه الطَّريقة لتحسين وضعك المالي؛ لأنَّ أغلب من جرَّبها حصلَ على نتائج جيِّدة، فإن كان دخلك فرضاً هو 10000 ستتعامل مع نفسك على أنَّه 8000، وستضع الميزانيَّة بناءً على ذلك لتوفِرَ 2000 شهريَّاً إضافة للتَّوفير النَّاتج عن تقليص النَّفقات المذكور آنفاً.
7. توحيد الدُّيون:
تخلَّص من تعدُّد الأقساط الشهريَّة بتوحيد الدُّيون ضمن دينٍ واحد أكبر، وذلك في حال كنت مثقلاً بالدُّيون صغيرة الحجم نوعاً ما، مثل الحصول على قرضٍ شخصيٍّ بمُعدَّل فائدة معقول ودفعة شهريَّة يمكن تسديدها، فتُسدِّدُ فيه جميع الدُّيون، وقد يكون هذا هو الحل الأفضل للأشخاص غير الملتزمين بالخطَّة، ومن تدفعهم مشاعرهم لشراء أشياء غير ضروريَّة، فيتسبَّبُ ذلك بعدم القدرة على دفع القسط الشَّهري لأحد الدُّيون، ويجعلُك الدَّين الموحَّد مضطرَّاً لدفع القسط الشَّهري فور حصولك على الرَّاتب مثلاً، وربَّما يكون هنالك ربط بين المؤسَّسة التي تعمل بها والبنك؛ ليقوم البنك بالحصول على القسط الشَّهري مباشرة من المؤسَّسة، ومهمَّتك هنا هي إدارة أمورك الماليَّة بما تبقَّى من الرَّاتب.
8. الاستمرار في إدارة أموالك:
تُعدُّ نقطةً هامَّة جدَّاً لتجنُّب تراكم الدُّيون مرَّةً أخرى، فلنفترض أنَّك سدَّدت جميع ديونك وأصبحت في فترة راحة، فلا تجعل مشاعر السَّعادة بذلك الإنجاز تدفعك للإسراف، بل كافئ نفسك بطريقةٍ تسعدك، ثمَّ عُد إلى تنظيم الأمور الماليَّة بوجود ميزانيَّة دائمة تجعل النفقات متناسبة مع الدَّخل، وحاوِل الاستغناء عن شراء أشياء غير هامَّة؛ لتدَّخرَ بعض المال شهريَّاً، ففي حال حدوث أمر طارئ ستجد المال لحلِّ المشكلة ولن تضطرَّ للدَّين، كما تساعدك هذه الإدارة على جمع ثروةٍ بمرور الوقت.
في الختام:
قد نضطَّرُ جميعاً للدَّين، ونجدُ أنفسنا في مأزقٍ، فتتراكم الدُّيون، ويزداد معها التوتُّر اليومي؛ نتيجة التفكير بكيفيَّة السَّداد، ولكن قدَّمنا لك في هذا المقال مجموعة طرائق تساعدك على إدارة أموالك؛ للتَّعامل مع ديونك بفاعليَّة، وتسديدها في الوقت المطلوب، أبرزها: إنشاء ميزانيَّة خاصَّة بك توضِّحُ المبالغ التي تنفقها، وتقييم ديونك، ومحاولة كسب مزيد من المال من خلال العمل في وظائف إضافيَّة، ومن الضُّروري تحديد الطَّريقة المناسبة لك لتسديد الدُّيون، وتقليص النَّفقات.
إن اضطرَّ الأمر أنفِق دون مستوى إمكاناتك، وقد يكون الحل الأفضل لك هو توحيد الدُّيون ضمن دين أكبر، وبعد التَّسديد تذكَّر أن تستمرَّ في إدارة أموالك؛ تجنُّباً للوقوع في مأزقٍ ماليٍّ مُجدَّداً.