6 خطوات بسيطة لإنشاء علامتك التجارية الشخصية
لعلَّك سمعت بمصطلح “العلامة التجارية الشخصية” (personal branding)؛ فهي عبارة رائجة شاعت بين أنواع التنمية الشخصية، وتعني “كيفية تقديم نفسك للعالم”، وتكمن الفكرة في أنَّك سواء أردت ذلك أم لا، سيكوِّن العالم رأياً عنك؛ إذ لا يفكر معظم الناس كثيراً في الانطباع الذي يأخذه الآخرون عنهم، بل يعيشون حياتهم فحسب، دون أن يكترثوا بما يفكره العالم عنهم، على الجانب الآخر، تتمحور “العلامة التجارية الشخصية” حول التأثير عمداً في الطريقة التي يراك بها العالم.
كلما كنت مستعداً لتُظهر للعالم نفسك، فازداد احتمال أن يراك العالم كما تريد، ومن ضمن ذلك زملاؤك في العمل، والأشخاص الذين يبحثون عنك عبر الإنترنت، ودوائرك الاجتماعية، وفي المقابلات الوظيفية؛ فعندما تُنشئ علامة تجارية شخصية قوية، سيتذكرك الناس أكثر، وستثير إعجابهم، وسيأخذون فكرة إيجابية عنك، الأمر ذاته الذي تحققه العلامة التجارية المميزة لتسويق منتجها.
كيف تُنشئ علامة تجارية شخصية؟
مفهوم “العلامة التجارية الشخصية” غامض إلى حد ما، مثله كمثل معظم المفاهيم في عالم التنمية الشخصية؛ فهو مفهوم يبدو لطيفاً، ولكنَّ المناقشات التي تتمحور حوله لا تخرُج بأي نتيجة عملية، أو ليست قابلة للتطبيق بما يكفي لتكون مفيدة، ولن تستحق الفكرة العناء ما لم تكن عملية؛ لذا فلنكن عمليين من خلال اتباع الخطوات الستة البسيطة الآتية؛ لتتمكن من إنشاء علامة تجارية شخصية يمكنك البدء في استخدامها مباشرة.
إليك 6 خطوات بسيطة لإنشاء علامتك التجارية الشخصية:
1. اختيار ركائز علامتك التجارية الشخصية:
تعتمد كل علامة تجارية على عدد من الصفات الجيدة، والتي تسهِّل تذكُّر المنتج الذي تقدمه تلك العلامة التجارية.
شركة “آبل” (Apple) خير مثال على “العلامة التجارية” التي تُتقن تحديد ركائزها، فتبيع الشركة أجهزة الكمبيوتر والهواتف والبرامج، ولها ميزات كثيرة، لكنَّ علامتها التجارية مركزة؛ إذ تتميز بالإتقان في التصميم والأناقة والحداثة والموثوقية، وخلوها من الفيروسات؛ فعلامتهم التجارية مركزة وإيجابية.
عليك القيام بذات الأمر أيضاً، وتختار عدداً من الصفات التي تريد للناس أن يعرفوك بها؛ فربما تكون شخصاً ظريفاً سريع البديهة، أو تحب الأفلام، أو تتقن التنظيم، أو خبيراً في الطاقة المتجددة، أو ربما تكون قائداً واثقاً وجاداً ويهتم بالتفاصيل.
إذاً ما هي مجموعة السمات التي تريد أن تكون معروفاً من خلالها؟
احرص على ألا تحدد كثيراً من السمات؛ لأنَّه سيصعب على الآخرين تذكُّرها، كما يجب عليك التأكُّد من أنَّك صادق مع نفسك؛ ذلك لأنَّ التظاهر بأنَّك تحمل سمة لا تمتلكها لن يفيدك أبداً، ثم اكتب 4 أو 5 أشياء تريد أن يعرفها العالم عنك.
2. ترتيب عناصر علامتك التجارية وفق أولوياتها:
يسهُل على الناس تذكُّر شيء واحد أكثر من تذكُّر عدة أشياء، كما أنَّه من الأسهل التركيز على فعل أمر واحد بدلاً من القيام بأمور كثيرة، على سبيل المثال:
تريدُ معظم مواقع الويب من زوارها القيام بمجموعة متنوعة من الأشياء، كالاشتراك في خدمة رسائل البريد الإلكتروني أو وضع إشارة مرجعية على الموقع، أو النَّقر على إعلان، أو شراء منتج، أو التعليق، أو المشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي، وما إلى ذلك، ولكنَّ التَّركيز على كل ذلك لن يشجعَ الزوَّار على فعل أي شيء سوى الابتعاد عن الموقع، وزيارة موقع آخر، فكثرة الخيارات تؤدي إلى التقاعس عن العمل، وينطبق الأمر ذاته على علامتك التجارية الشخصية؛ فكلما أمطرتَ الآخرين بسماتٍ عنك، قلَّ احتمال تذكُّرهم لأي شيء؛ لذا عليك إلقاء نظرة على قائمتك المكونة من 4 أو 5 صفات عن نفسك وتحديد أهمها، فإذا كان بإمكان أحدهم أن يعرِّف شخصيتك من خلال صفة واحدة، فماذا ستكون تلك الصفة؟
أما الصفات الأخرى، على الرغم من أهميتها يمكن أن تكون عناصر ثانوية في علامتك التجارية الشخصية؛ إذاً رتِّب الصفات الأربع أو الخمس حسب أهميتها بالنسبة إليك:
شاهد بالفديو: 5 قواعد ذهبية لبناء العلامة التجارية الشخصية
3. إنشاء خطاب موجز أو “حديث المصعد” من الصفات التي حدَّدتها عن نفسك:
يساعد حديث المصعد على التكلم عن أمور عامة، مثل قائمة من 5 صفات عنك بصورة مقنعة؛ إذ تكمن أهميته في أنَّه قد يكون من الصعب التحدث عن أمر لم تفكر فيه مسبقاً، ولعلَّك تحدثت عن أمر ما في الأماكن العامة دون أن يكون لديك ما يكفي من الوقت للتفكير فيما كان عليك أن تقوله أولاً، وعلى سبيل المثال:
أن يطلبَ منك شخص أن تروي قصة عن أمر مضحك حدث معك، فتتذكر الحادثة بالضبط، لكن لم يتسنَّ لك التفكير في طريقة روايتها؛ لذا تحاول أن تروي قصتك، لكنَّ المُصغي يحملق فيك بريبة لأنَّك لا تتقن إخبار القصة، لتقول في النهاية بحرج: “لو كنت هناك، لوجدت الحادثة مضحكة أكثر”، إنَّه وضع مشابه لعلامتك التجارية الشخصية؛ فعليك التفكير في كيفية إيصالها للآخرين، وإلا فلن تكون مفيدة، وإليك أفضل طريقة للتعامل مع ذلك بسرعة:
- سجل صوتك باستخدام جهاز الكمبيوتر أو الهاتف تتحدث عن كل من 4 إلى 5 صفات لديك: ما هي أهميتها؟ ولماذا يعتقد الآخرون أنَّها هامة؟ وأمثلة من شأنها أن تُظهر للآخرين أنَّك تمتلكها.
- استمر في التحدث حتى تبدأ أفكارك الهامة في الظهور، وتحدَّث حتى تبدأ في الشعور بالراحة في التكلم عنها.
- أوقف التسجيل بعد الشُّعور بالراحة تجاه ما تقوله، وأصغ إليه.
- اكتب أكثر الأفكار المثيرة للاهتمام مما قلته عن نفسك، تلك التي تعتقد أنَّها أكثر الأمور ذكاء وبلاغة.
اختصر أفضل الأفكار في ثلاث جمل تؤكد على السمة الأساسية التي تميزك، مع ذكر الصفات الأخرى، فستُنشئ بذلك “حديث المصعد” الخاص بك، ولا تسعَ وراء إنشاء حديث مثالي، فلن تنشر أيَّاً منه على الملأ.
4. مواءمة شخصيتك على الإنترنت مع حديث المصعد الذي أنشأته:
تؤثر المعلومات المتعلقة بك على الإنترنت في انطباع الآخرين عنك؛ فإذا أردتَ أن تَكون علامتك التجارية الشخصية فعَّالة، فيجب أن تعكس حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي، وملفاتك الشخصية الأخرى عبر الإنترنت، الأفكار الواردة في حديث المصعد الذي أتينا بذكره في الخطوة الثالثة.
تخيل أنَّك شخص غريب ينظُر إلى حساباتك عبر الإنترنت، فهل تعكس أفكارك الأساسية فيها علامتك التجارية الشخصية؟
فإذا لم يكن الأمر كذلك، عليك تعديل تلك الأفكار، ثم تجنَّب نسخ حديث المصعد ولصقه في ملفك الشخصي على “فيسبوك” (Facebook)؛ لأنَّ الأمر سيبدو غريباً نوعاً ما؛ بل ركِّز على الأفكار التي تجعل علامتك التجارية الشخصية أقوى عبر الإنترنت، وقلِّل من التركيز على تلك التي تتعارض معها، على سبيل المثال: إذا قلتَ إنَّك شخص لطيف، فاحذف أي اقتباس يتحدث عن الكره، وأجرِ تدقيقاً سريعاً لملفاتك الشخصية عبر الإنترنت، ثم عدِّل الأفكار لتعكُس سماتَ علامتك التجارية الشخصية.
5. التحكم أكثر في هويتك على الإنترنت:
تعكس حسابات معظم الشركات على وسائل التواصل الاجتماعي علاماتها التجارية في الوقت الحاضر، لكنَّ “مقرَّهم الأساسي” على الإنترنت هو موقع إلكتروني يمتلكونه، وأنت تستطيع إدارة ملفاتك الشخصية على الإنترنت، ولديك سيطرة كاملة على موقعك الإلكتروني، وينطبقُ الأمر ذاته عليك، فيمكنك تعديل المعلومات في حسابك على فيسبوك بقدر ما تشاء، ولكن إذا أردتَ تعزيز علامتك التجارية عبر الإنترنت، فإنشاء موقع إلكتروني شخصي هو أفضل طريقة لتحقيق ذلك، وقد تفاجئك الخطوة هذه؛ إذ يعتقد معظم الناس أنَّ إنشاء موقع إلكتروني خاص بهم أمر صعب جداً، أو أنَّ عليهم تعلم البرمجة، أو أنَّهم سيحتاجون إلى دفع مبالغ طائلة لقاء خدمات شخص آخر يصمم الموقع لهم، إلا أنَّ الحقيقة هي أنَّ إنشاء موقع إلكتروني بات أسهل وأرخص من أي وقت مضى.
ننصحُك بإنشاء موقع إلكتروني على نطاق يعتمد على اسمك لتعزيز قيمة علامتك التجارية الشخصية مقابل ما دفعته؛ فإذا كان اسمك “أحمد بدر”، اشترِ اسم نطاق مثل: www.ahmadbadr.com أو .net أو .org، ثم تأكد من أنَّ موقعك بسيط ويَبرز بوضوح علامتك التجارية الشخصية؛ فيجب أن يوضح نقاط قوتك، وعليك أن توضح مَن أنت، وما يمكنك فعله، ولماذا يجب على الآخر تصديق ذلك.
6. جعل علامتك التجارية الشخصية أسلوب حياتك:
لا يجب أن تقتصر العلامة التجارية الشخصية على طريقة تقديم نفسك للعالم فحسب؛ بل يجب أن تتضمن أيضاً وصفاً حقيقياً للسبب الذي يجعلك رائعاً، لهذا أكِّد على سمات علامتك التجارية الشخصية في حياتك؛ فأحياناً لا نتصرَّف بالطريقة التي نريد أن يرانا من خلالها العالم، فتُرانا نعتقد أنَّنا مندفعون للعمل، لكنَّنا نقضي كثيراً من الوقت في مشاهدة التلفاز وتصفُّح الإنترنت، أو نعتقد أنَّنا لطفاء، لكنَّنا نستغيب الآخرين؛ لذا ستساعدك العلامة التجارية الشخصية المدروسة بدقة على تقديم نفسك للعالم، كما يمكن أن تكون وصفاً واضحاً لمن تطمح أن تكونه في حياتك اليومية.
في الختام:
بصرف النظر عن شخصيتك أو أهدافك، اتَّبِع الخطوات هذه، وطوِّر من علامتك التجارية الشخصية، وحدِّد كيف ستكون جزءاً من حياتك، وكيف ستستخدمها لمصلحتك.
لقد كان “توم بيترز” محقَّاً في قوله الذي ذكرناه في بداية المقال، فأنت المدير التنفيذي لعلامتك التجارية الشخصية، سواء أدركت ذلك أم لا، إذاً يبقى السؤال: “هل ستعيش حياتك دون وعي لما يجري فيها، أم أنَّك ستحيا بهدف؟”.
اكتشاف المزيد من رذاذ التجارة والاقتصاد
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.