استراتيجيات التسويق

كيف تسوِّق خدماتك؟


ورغم أنَّ تسويق المنتجات يتم بشكل واضح وبأساليب معروفة نوعاً ما – إذ إنَّ المستهلِك هنا يستطيع معاينة المنتَج الذي يريد شراءه مباشرةً فإمَّا يشتريه أو لا يفعل ذلك – يحدث العكس بالنسبة إلى الخدمة فلا يمكن رؤية هذه المنتجات أو تذوقها أو لمسها أو شم رائحتها؛ بمعنى عدم قدرة المستهلِك على معاينة الخدمة؛ لذا فقد لا يشتريها؛ لذلك فإنَّ وسائل تسويق الخدمات نجد فيها مستوى من الصعوبة أكثر من تسويق المنتجات التي يستطيع المستهلِك رؤيتها والتعامُل معها بشكل مباشر، بينما لا يستطيع المستهلِك فعل ذلك بالنسبة إلى الخدمات.

على سبيل المثال لا يستطيع المستهلِك تذوُّق خدمة فندقية أو حتى إعطاء رأيه فيما قَدِمَ إليه إلَّا بعد أن يجربه بنفسه ويحصد النتيجة؛ لذا ونتيجة هذه الصعوبات تقع على عاتق التسويق مَهمَّة جعل هذه الخدمات ملموسة قدر الإمكان؛ وذلك من خلال اتِّباع مجموعة من الأساليب التي سوف نتحدث عنها في هذا المقال بعد التعرُّف إلى قطاع الخدمات ومجالاته.

ما هي الخدمة؟

ترى الجمعية الأمريكية للتسويق أنَّ الخدمة عبارة عن “منتجات غير ملموسة في جوهرها ولكنَّ ما يحيط بها ملموس؛ ولذلك تَظهَرُ في مجملِها بأنَّها غير ملموسة ولا يمكن نقلها أو تخزينها، إذا يتمُّ تبادلها مباشرةً من المُنتِج إلى المُستخدِم، والمنتجات الخدمية يصعب تحديدها بدقة؛ فهي تُنتَج وتُستَهلك في الوقت نفسه؛ لذلك لا يتولَّد عنها شعور بالملكيَّة”.

يرى (Philip kotler) أنَّ الخدمة فعل أو أداء يمكن أن يُحقِّقه طرف لطرف آخر يكون في جوهره غير ملموس ولا تترتَّب عليه أيَّة ملكيَّة، وأنَّ إنتاجه قد يرتبط بمنتج مادي وقد لا يكون، فالخدمة هي نشاط اقتصادي يتم بين طرفين؛ أي البائع والشاري في السوق؛ إذ يدفع المشتري المال مقابل الحصول على ما يريد من خدمة، وهذه الخدمة تمتلك مجموعة من الخصائص منها:

  • تكون غير ملموسة؛ فمن أبرز خصائص الخدمة التي تميزها عن السلعة أنَّها لا يمكن تقديرها باستخدام الحواس المادية؛ إذ يتعذَّر اختبارها قبل تجريبها والحصول عليها.
  • تكون خطرة؛ إذ ترتبط تجربة الخدمة بالرضى أو عدمه.
  • يتناسب معيار الجودة مع السعر الذي تُتاح به.
  • تُوجَدُ لقياس جودة الخدمات أساليب خاصة تختلف عن أساليب قياس المنتجات السلعيَّة.
  • يكون إنتاج الخدمة واستهلاكها شيئين متلازمين فهُما يَحدُثان ويُقدَّمان في وقت واحد.
  • يغيب فيها تنميط الخدمات؛ إذ يصعُب على مقدِّم الخدمة سواء كان موظفاً أم مؤسسة تقديم الخدمة بذات المستوى في كل مرة.
  • ترتفع نسبة الخطأ مقارنةً بالمنتجات السلعيَّة.
  • لا يمكن تخزينها فهي تتَّسم بالفنائيَّة.
  • لا تُمتَلَك الخدمة؛ فالخدمة تُقدَّم للزبون بشكل مؤقَّت والذي يستهلكها على الفور دون أن تُنقَل ملكيتها إليه.
  • لا يمكن فصل الخدمة عن الشخص أو المؤسَّسة المقدمة للخدمة؛ فلا يمكن مثلاً فصل الطبيب عن الخدمة التي يقدمها للمريض.

تتعدَّد أنواع الخدمات التي يمكن أن تُقدَّم فتُوجَدُ الخدمات المصرفيَّة والماليَّة، الخدمات التعليمية، الخدمات الاجتماعية، الخدمات الثقافية، الخدمات الاستشارية، الخدمات الصحية، الخدمات المرورية، الخدمات الترفيهية، الخدمات الرياضية، الخدمات الحكوميَّة، خدمات الاتصال، خدمات النقل، خدمات التأمين، الخدمات السياحية.

شاهد بالفيديو: 8 قواعد لخدمة عملاء جيدة

 

العوامل التي يجب مراعاتها عند تقديم الخدمات:

1. نوع الزبون المُستهدَف:

فيُوجَدُ مُستهلِك نهائي مثل خدمات المكياج وتصفيف الشعر، وتُوجَدُ خدمات موجَّهَة إلى المنشآت مثل الخدمات المحاسبية.

2. وضع الخدمة:

خدمات منتهية مثل الخدمات الاستشارية، وتُوجَدُ خدمات تُصاحبها سلعة مثل خدمات النقل عبر استخدام وسيلة نقل طائرة مثلاً ووجبة الطعام التي تتخلل الرحلة.

3. درجة التفاعُل بين مُستهلِك الخدمة ومُقدِّمها:

إذ تُوجَدُ خدمات لا تتطلَّب أيَّ تفاعُل بين المُستهلِك ومُقدِّم الخدمة مثل خدمات التنظيف، وتُوجَدُ خدمات تتطلَّب التفاعُل بين طالب ومُقدِّم الخدمة مثل خدمات الرعاية الاجتماعية أو الخدمات التعليمية.

4. أسلوب تقديم الخدمة:

تُوجَدُ خدمات تُقدَّم بواسطة عناصر بشريَّة مثل الخدمات التعليمية، وتُوجَد خدمات تُقدَّم بواسطة الأجهزة والمعدَّات مثل خدمة الاتِّصال العمومية التي تقوم على برمجة أجهزة معيَّنة.

5. طريقة تقديم الخدمة:

تُوجَد خدمات تستلزم وجود علاقة مستمرة بين مقدِّم الخدمة ومستهلكها مثل الخدمات الطبيَّة العلاجية، وتُوجَد خدمات لا تتطلَّب وجود علاقة بينهما وتُقدَّم بشكل عرضي مثل خدمات سيارات الأجرة.

6. أهمية الخدمة للمستهلك:

خدمات رخيصة متكررة ولا يستغرق قرار شرائها وقتاً طويلاً مثل اللعب في مركز للألعاب، وتُوجَدُ خدمات غالية الثمن أو مُكلِفة يتطلب قرار الشراء فيها التفكير لوقت طويل مثل الحصول على خدمة صحية معيَّنة.

7. درجة ارتباط المستهلِك بالخدمة:

تُوجَدُ خدمات ذات ارتباط عالٍ مثل الخدمات التي تؤثر في صورة العميل عن ذاته؛ مثل خدمات تصفيف الشعر، وتُوجَدُ خدمات يكون الارتباط فيها ضعيفاً وتحمل مخاطرة قليلة مثل خدمة ركن السيارة.

8. الخدمة المُعتمِدة على مخرجاتها:

هنا تكون مخرجات الخدمة أهم من العمليات الدائرة ضمنها؛ مثل خدمة إدارة محافظ الاستثمار.

9. الخدمة التي تعتمد على عمليَّة إنتاج الخدمة:

تقييم المُستهلِك لخدمة المسرح يتوقَّف على سلسلة الإجراءات التي يتعرَّض لها في أثناء حصوله على الخدمة.

10. الخدمات القابلة للتسويق والخدمات غير القابلة للتسويق:

تُوجَدُ خدمات يحصلُ فيها المستهلِك على الخدمة دون الاعتماد على آلية السوق مثل الخدمات الحكومية؛ مثل استخدام الحدائق العامة، وتُوجَدُ خدمات خاضعة لآلية عمل السوق مثل رعاية الأطفال في روضات خاصة.

11. نمط الطلب على الخدمة وفق الزمن:

يُوجَدُ عدد مُحدَّد جداً من الخدمات التي يبقى الطلب عليها ثابتاً عبر الزمن، وتُوجَدُ الكثير من الخدمات التي يكون الطلب عليها متذبذباً مثل خدمات الطعام أو خدمات المسارح.

طرائق تسويق الخدمات:

1. جذب العملاء:

عليك أن تعرف البيئة التي تعمل بها بشكل جيِّد وتعرف مَن يُقدِّم خدمات تشبه خدماتك؛ إذ يجب أن تبحث عن تقديم خدمة تتميز عن غيرك بها إذا أردتَ تحقيق الربح؛ لذا يجب أن تضع خطَّة لجذب العملاء إليك وكذلك الاحتفاظ بهم؛ مثل برامج عروض خاصة.

2. الترويج باستخدام التسويق الإلكتروني:

إنَّ الهدف الأول من الإعلان الإلكتروني هو جذب انتباه العملاء؛ إذ يؤدي الإعلان إلى زيادة التفاعُل بين مقدِّم الخدمة والمُستهلِك، وعن طريق استخدام الإعلان الإلكتروني يمكن الوصول إلى عدد كبير جداً من المستهلكين، كما يمكن تحديثه في أي وقت ويقدِّم جميع المعلومات المتعلِّقة بالخدمة، إضافة إلى إتاحة فرصة للتفاوُض بشكل أكبر؛ لذا أَنشِئ موقعاً إلكترونياً خاصاً بك وكذلك حسابات على كافة مواقع التواصل الاجتماعي.

3. الاتِّصال الجيِّد:

حافِظْ على نوع من الاتصال الجيِّد بينك وبين العميل واسأله باستمرار عن تقديمك للخدمة وعن مقترحاته بشأنها.

4. إقامة علاقة جيِّدة مع المحيط الذي تعمل به:

قد تُوجَد في البيئة التي تعمل بها مجموعة تقدِّم خدمات مشابهة للخدمات التي تقدمها، فعند اكتفائها من العملاء أو عند عدم استطاعتها تلبية كافة رغبات العملاء قد تحيلهم إليك؛ لذا حافِظْ على علاقة جيِّدة مع هذه البيئة وابتعد عن النديَّة في التعامل.

5. خفض الأسعار:

يجب عليك خفض الأسعار في حال كانت تُوجَد مرونة في الطلب.

6. تحسين جودة الخدمة وتطويرها:

وذلك لتسهيل إقناع المستهلكين بها.

7. مشاركة نجاحك:

عندما تحصل على عدد مُحدَّد من الزبائن احتفِ وأَشعِر غيرك بالإنجاز، فإنجازك سوف يجعلُ الآخرين يفكرون فيك بشكل جيِّد وفي أنَّك تنجز خدماتك بالجودة المناسبة حتى تحقق هذا النجاح.

8. إتقان الخدمة:

أكثر ما سوف يُحسِّن سمعتك ويجعلك محط إعجاب الآخرين هو التزامك بتقديم خدمتك في قتها وبأفضل جودة مُمكِنة، فإتقان العمل هو أوَّل ما يروِّج أي عمل تقوم به.

شاهد بالفيديو: 3 أنواع للميزة التنافسية و4 خطوات لتحديد ميزتك

 

9. تحديد جوانب الضعف لديك ومن ثم تطوير نفسك:

إن كنتَ ترغب في تقديم خدمة ولا تتقنها كما يجب، فتحلَّ بالصبر وقدِّم فقط ما تستطيع تقديمه من خدمة وطوِّر نفسك فيما ينقصك منها، واكتسِب الخبرات الجديدة المتعلقة بالأشياء التي لا تتقنها وتمتلك الرغبة في العمل بها.

10. الاستفادة من التجارب السابقة:

تعلَّمْ من أخطاء غيرك ولا تكرِّرها وابحَث في أسباب نجاحها أو فشلها.

11. إنشاء مدونة خاصة بك:

تُمثِّل المدوِّنة الشخصية كتاباً يَظهَرُ فيه مسار حياتك، وتُعرَفُ مهاراتك وقدراتك وما قمتَ به من أعمال سابقة وكيف أدَّيتها وما هي النتائج التي حصلتَ عليها، وإنَّ الفكرة الأساسية من إنشاء المدونة الشخصية هي أن تبني الهوية الخاصة بك وتجعل الآخرين يتابعون ما تنجز، وتستطيع من خلالها أن تنشر أعمالك وتُعرِّف بخدماتك، وربما يقودك ذلك إلى التوسُّع في الخدمات التي تقدِّمها أو حتى إلى الاتِّجاه إلى القيام بأعمال جديدة مُربِحة أكثر.

في الختام:

يتَّسم العالَم اليوم بالتعقيد؛ نظراً للتحولات العلمية والمعرفية الهائلة في العالَم، ولم ينفصل سوق الخدمات عن هذه المستجدَّات والتغييرات التكنولوجية المتطوِّرة، وأصبح يُلزَمُ على الفرد أو المؤسسة الراغبين في تقديم خدمات وتحقيق الأرباح اتِّباع أساليب تسويق خاصة وجديدة مُبتَكرة لجذب العملاء ورفع قيمة الخدمات ومن ثم تحقيق الأرباح، كما يجبُ الحذر من تقليد الآخرين فيما يتبعونه من إجراءات أو تقليدهم بشكل أعمى، فالتفرُّد في الخدمة وتسويقها هو سر النجاح وليس التقليد، فالخدمة الجيِّدة تحتاج إلى تسويق جيِّد كي تنجح وتثمر عن وجودها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى