استراتيجيات التسويق

ما هو أسلوب هرم الفضول المقلوب في إعداد المحتوى؟


ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون “ديف نيميتز” (Dave Nemetz)، ويُحدِّثنا فيه عن رأيه في أسلوب الهرم المقلوب في إعداد المحتوى.

الحقيقة هي أنَّني لا أستمع إلى مدونات صوتية عديدة، ومع هذا قبلت الدعوات بسعادة؛ لأنَّني شعرت بالإطراء من الاهتمام الذي تلقيته واستمتعت بفرصة الدردشة مع المضيفين، والذين كانوا من المبدعين الرائعين، كما أنَّ هذه المقابلات تكاد لا تتطلب أكثر من الإعداد القليل قبل ساعة أو نحو ذلك من موعدها، وكلُّ ذلك من مكتبي في المنزل، وكان لمشاركتي فائدة إضافية هي الترويج لعلامتي التجارية الشخصية.

عندما رأيت المبدعين يقتطعون ثم يعيدون دمج مناقشاتنا عبر وسائل الإعلام المختلفة، أدركت أنَّ كلامي أصبح مادة خام لاستراتيجية محتوى معروفة، وأساس تسويق المحتوى، وتكتيكاً تحريرياً مثبت الفاعلية، ومصدر نمو الجمهور للعديد من العلامات التجارية الإعلامية للمبدعين.

طبقت في الوقت الذي أمضيته في العمل في مجال وسائل الإعلام أشكالاً مختلفة من هذه الاستراتيجية مرات عديدة، وبينما شعرت أنَّ هذا النهج مألوف لي لم أتمكن من تذكر المصطلح الذي يطلق عليه تماماً؛ لذا سألت مجتمع موقع “تويتر” (Twitter) وحصلت على الإجابات.

يوضح عدد الردود وتنوعها أنَّ هذه الاستراتيجية موجودة في كلِّ مكان؛ ولكنَّها غير محددة، ويسميها الناشر “براندون وينرد” (Brandon Wenerd) من شركة “برو بايبال” (BroBible) استراتيجية “مَصنَع المحتوى” (the content factory)، ويستخدم “إريك جاكوبسون” (Erik Jacobson) الرئيس التنفيذي لشركة “ليمونباي إف إم” (Lemonpi FM) ومضيف البرنامج الحواري “براندز ذات بودكاست” (Brands That Podcast) المصطلح “1 – 20” بمعنى أنَّ جزءاً واحداً من المحتوى يصبح عشرين جزءاً، ولكن يعود الفضل في تعميم هذا النهج إلى رائد الأعمال “غاري فاينيرتشوك” (Gary Vaynerchuk) و”نموذج محتوى غريفي” (Garyvee Content Model).

نموذج غريفي معروف جداً بين العاملين في مجال الإعلام، وفي حين ينزعج بعضهم من ترويجه لنفسه دون كلل أو ملل ولثقافة العمل الدؤوب، لا يسع الآخرون إلا الإعجاب به للأسباب نفسها؛ لذا سأدعو هذا النهج هنا في ظل غياب اسم متعارف عليه “هرم الفضول المقلوب” (inverted curiosity pyramid) .

خطوات نموذج هرم الفضول المقلوب:

1. إثارة الفضول:

يجب أن ينطلق كلُّ صانع محتوى أو علامة تجارية إعلامية من الفضول؛ لذا استخدم هذا الفضول بوصفه طريقة للنظر إلى العالم والبحث فيه عن أشخاص مثيرين للاهتمام يملكون معلومات فريدة في مجالك، وأقنعهم بإجراء المقابلات من خلال إظهار القواسم المشتركة بين ما يثير فضولك وخبراتهم.

تساعد مقابلة ضيوف لديهم عدد كبير من المتابعين على توسيع نطاق وصولك، ولكن هذا ليس ضرورياً إذا طبقت بقية العملية ببراعة؛ فالمفتاح هو العثور على الأشخاص الذين لديهم أشياء شيقة وجديرة بالملاحظة وهامة ليقولوها عن الموضوعات التي اخترتها، ثم استخدام الفضول لاستخلاصها منهم.

شاهد: 4 أفكار لكتابة محتوى يجذب عملاء محتملين

 

2. إنشاء جزء طويل من المحتوى الأساسي:

في هذه الأيام غالباً ما يكون المحتوى الأساسي مقابلة مدونة صوتية، ولكن يمكن أن يكون أيضاً مقالاً طويلاً أو بأية صيغة أخرى؛ لذا سنفترض هنا أنَّه مقابلة مدونة صوتية، وفي هذه الحالة يجب عليك تسجيل الفيديو إضافة إلى الصوت، وذلك سهل في المقابلات عن بُعد باستخدام برامج مثل “سكايب” (Skype) أو “زووم” (Zoom) أو “ريفرسايد. إف إم” (Riverside.fm)، وبعدها يمكنك استخدام أداة مثل “ديسكريبت” (Descript) لتحريره، بهذه الطريقة يمكنك تقطيع وإعادة مزج المحتوى الأساسي لتحصل على أكبر عدد ممكن من الوسائط.

ستكون مقابلة المدونة الصوتية المحتوى الأساسي الذي ستأخذ منه بعد ذلك عديداً من أجزاء المحتوى الأخرى؛ لذا يجب أن تتحدث عن أمور كثيرة وتنشئ أكبر عدد ممكن من الأجزاء القابلة للاقتباس والمشاركة؛ فالهدف هنا استثمار هذا المحتوى إلى أقصى حد.

3. تقسيم المحتوى الأساسي إلى أجزاء من المحتوى:

استخدم الآن أداة التحرير وأنشئ أكبر عدد ممكن من أجزاء المحتوى المستقلة من المحتوى الأساسي، ويمكن أن يتضمن المحتوى الجزئي ملاحظات العرض والمقالات التفصيلية والنشرات الإخبارية ومقاطع الصوت أو الفيديو الأقصر؛ إذ تشوِّق من يراها لمشاهدة المحتوى الأساسي، ولكن يجب أيضاً أن تكون بمفردها عنصر محتوى فريداً.

بعد أن أنجزت بالفعل العمل الشاق المتمثل في إنشاء عمل أصلي عميق المعنى، الهدف الآن استخلاص أكبر قدر من القيمة منه عبر تقسيمه إلى أكبر عدد ممكن من الأجزاء وهكذا توسِّع عملية إنشاء المحتوى.

4. تقسيم أجزاء المحتوى إلى محتوى مصغَّر:

الخطوة الرابعة هي تتمة للخطوة الثالثة، ولكن على نطاق أصغر؛ فبدلاً من المقالات ومقاطع الفيديو ينصب التركيز هنا على وسائل التواصل الاجتماعي.

لذا استخلص الاقتباسات والأفكار الأكثر إثارة للاهتمام من المقابلة، ثم اجمعها وشاركها على موقع “تويتر” (Twitter) أو موقع “فيسبوك” (Facebook) أو أيَّة منصة اجتماعية تُفضِّلها.

من المرجح أن يعزز ضيوفك جهودك من خلال مشاركة أجزاء المحتوى والمحتوى المصغَّر على حساباتهم، ممَّا يزيد من وصول المحتوى الأساسي ويبني علامتك التجارية، وإذا تصرفت تصرفاً صحيحاً ستجذب جمهوراً جديداً إضافة إلى جذب انتباه المحاورين الجدد المحتملين.

هرم الفضول المقلوب فعَّال جداً لتنظيم عملية إنشاء المحتوى الأصلي والأفكار الجديدة وضمان أن تكون هذه الجهود قابلة للتكرار والتطوير، ويمكن للبرامج والعمليات أتمتة كثير من المهام الروتينية، وبالطبع توجد حدود لما يمكن لهذا النموذج تحقيقه، فكلَّما زاد عدد الأشخاص الذين يطبقونه أصبح من الصعب أن يتميز أحدهم، ومع إنشاء مزيد من المحتوى الأساسي والمحتوى المصغر تزداد المنافسة على انتباه الجمهور المحدود.

لاحظت أيضاً أنَّ مدونات صوتية عديدة تحتوي على قوائم ضيوف متشابهة، وتؤدي طبيعة موقع “تويتر” (Twitter) دوراً كبيراً في هذا، ومع تزايد عدد المبدعين الذين يطبقون الاستراتيجيات نفسها، يتطلب التميز إشباع فضول أعمق؛ ولكنَّ الإنترنت غني بمجالات تخصصية لا نهاية لها، وهنا يكمن جماله؛ لذا اختر المجال المناسب لإثارة الفضول فيه وستختفي هذه العيوب.

يبقى السؤال الأهم عما إذا كان هذا إطاراً للعمل أو حيلة لتعزيز النمو؛ إذ تنجح حيل النمو لفترة قصيرة وبمجرد انتشارها تصبح غير فعالة، بينما يمكن الاعتماد على الأطر دائماً وأن تتطور وتتكيف مع تغير القنوات وتنسيقات المحتوى.

في الختام:

هرم الفضول المقلوب هو إطار مُجرَّب سيثبت فاعليته مع الزمن، وسيظل فعالاً بوجود مجالات جديدة لتطبيقه فيها ووجود مشاركين على استعداد لاستخدامه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى